الخليج اليوم – قضايا انسانية – 10-9-1985
إن الأمة الإسلامية تعيش اليوم حاضرا حافلا بالتطورات والتقلبات العصرية وتستشرف آفاق التقدم والنهضة في جميع المجالات ، وتتطلع إلى مستقبل مشرق باهر ، يتفق وحضارتها العويقة القائمة على الرسالات السماوية التي أنارت للبشر طريقهم السوي إلى سعادتي الدنيا والآخرة ، وكل أمة في محاولته الدائبة للتقدم ، وفي سعيها المتواصل الرقي ، لا بد لها أن تلقي بأنظارها ، حينا فآخر ، إلى ماضيها المجيد ، تستفيد منه العرب المؤثرة لتكون نبراسا ينير الطريق إلى المستقبل الذي ترنو إليه .
وإذا نظر المرء بعين النحقيق والإنصاف ، فيدرك أن ركود المسلمين في السنين الأخيرة لا يرجع سببه – في قليل أو كثير – إلى تأثير دينهم بل إلى بعض الأسباب الخارجية الطارئة وإلى تأثير المؤمرات العديدة التي حيكت ضد هذه الأمة . ولا يخفي على من له إلمام بروح الإسلام أنه النصير الأكبر للعلم والحضارة ، والحليف الغيور على الحرية الفكرية ، ثم نسأل التاريخ :: ماذا كان شأن القرآن إزاء العلوم الكونية والنظرية ، وإزاء البحث العلمي ؟ إذ شجع الحركة الفكرية والنظرية في العالم الإنساني ورد الحياة إلى كيانة بعد أن كان في دور الاحتضار ، بهذه الآيات القرآنية الواضحة .
1 – “قل هل يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون، إنما يتذكر أولوا الألباب ” (الزمر 9 ).
2 – “وتلك الأمثال نضربها للناس وما يعقلها إلا العالمون ” (العنكبوت 43) .
3 – ” إن في خلق السماوات والأرض واختلاف الليل والنهار والفلك التي تجري في البحر بما ينفع الناس وما أنزل الله من السماء من ماء فأحيا به الأرض بعد موتها وبث فيها من دابة وتصريف الرياح والسحاب المسخر بين السماء والأرض لآيات لقوم يعقلون ” (البقرة 164 ).
4 – “أفلم يسيروا في الأرض فتكون لهم قلوب لا يعقلون بها أو آذان لا يسمعون بها لأنها لا تهمى تعمى الأبصار ولكن تعمى القلوب التي في الصدور ” (الحج 46) .
5 – “يرفع الله الذين آمنوا منكم والذين أوتوا العلم درجات” (المجادلة 11) .
6 – “قل سيروا في الأرض فانظروا كيف بدأ الخلق ” (العنكبوت 20).
7 – “أولم ينظروا في ملكوت السماوات والأرض وماخلق الله من شيئ” (الأعراف 185) .
8 – “ولد ذرأنا لجهنم كثيرا من الجن والإنس لهم قلوب لا يفقهون بها ولهم اعين لا يبصرون بها ولهم آذان لا يسمعون لها أولئك كالأنعام بل هو أضل أولئك هم الغافلون” (الأعراف 179) .
9 – “واذكروا نعمة الله علكم وما أنزل عليكم من اللكتاب والحكمة” (البقرة 231).
10 – “ومن يؤت الحكمة أوتي خيرا كثيرا” (البقرة 269) .
ثم نسأل الله تلك الأبواق المضللة عن ماذا كان دور هذا الكتاب في أن يمنح العام الإنساني ، الآلاف من فطاحل العلوم العقلية من الرياضيات والطبيعيات وما وراء الطبيعة وكذلك الحكماء والأدباء والفنانين ، ومن أمثال الكندي والفارابي وابن رشد وابن الهيثم وابن سينا والخوارزمي والطوسي وغيرهم ؟ .
وليس يصح في الأذهان شيئ إذا احتاج النهار إلى دليل .