الخليج اليوم – قضايا إسلامية السبت 15-نوفمبر -1986 م
إن الهدف المنشود منم الإيمان الذي جعله الإسلام القاعدة الأساسية التي يقوم عليها صرحه وبناؤه ، والمنبع الوحيد الذي تفيض منه حياته وطريقته المستقيمة ، وهذا الأمر واضح جليمن اقتران الإيمان والعمل في كل مرفق من مرافق الحياة الإسلامية ، والمعروف في مفهوم الإسلام ، بكل الاعتبارات والمعايير أن لا قيمة لعمل لا يصدر من منبع الإيمان ولا نجاة في الدارين إلا بالأعمال الصالحة المنبعثة من الإيمان والمقترنة به كما نص عليه القرآن الكريم : “والعصر إن الإنسان لفي خسر، إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات وتواصوا بالحق وتواصوا بالصبر” ، وأن التواصي بالحق يقتضي التواصي ، قبل كل شيئ بضرورة التمسك بالإيمان الصحيح لأنه لا حق فوق الإيمان وبدون الإيمان وأعلى من الإيمان ، وكذلك التواصي بالعمل الصالح لأن العمل الصالح إنما هو ثمرة الإيمان فإذا كان الإيمان صحيحا تكون الثمرة التي يثمرها صالحة ونافعة ومليئة بالفوائد وبعيدة عن المواد المؤذية المضرة بصحة النفوس أو بصحة الروح وأما التواصي بالصبر فهو عين التواصي بالحق المر لأن الصبر من المتطلبات الأولية لترسيخ الإيمان في القلب وترشيد العمل إلى طريق الصلاح وصدور العمل الصالح من الإيمان الراسخ في القلب هو الحق الكامل لأن بعض الأعمال يبدو صالحا في الظاهر ولكي يمكن أن لا يكون باعثه الإيمان القلبي بل شيئ من الاعتبارات والمطامع والمصالح الأخرى ، وكذلك يحدث أحيانا عكسه أي أن الإنسان يملك في قلبه الإيمان ولكن أعماله لا تطابق ذلك الإيمان ولا تكون صادرة عنه فلا تكون صالحة حيث ينطبق عليها وصف الحق ، وكان سر اختتام تلك الصفات الأربع أو المواصفات الأربع للإنسان الناحج البعيد عن الخسران بالصبر أن الصبر لازم حتمي للتحلي بالحق المبين المؤدي إلى النجاح المنشود والموعود من رب العباد .
ويتبين من هذا الاستعراض السريع أن الإيمان منلع العمل الصالح وأن الإيمان والعمل الصالح هما الطريق الحق المستقيم القويم في الحياة الإنسانية فإذا كانت حياة إنسان قائمة على الإيمان القويم بحيث يؤدي إلى الالتزام بالأعمال الصالحة والسير في طريق الحق .
فهل يتعرض قلبه الذي هو مقر ذلك الإيمان لأي نوع من القلق أو الهلع أو الاضطراب أو الخوف والانزعاج أو لأن إيمانه يلزمه بالسير في طريق السلامة والاستقامة بدون اعوجاج والتواء إلى جانب الثبات القلبي والهدوء النفسي ، وإلى هذه الإشارة نبراسا ونورا لقلوب المؤمنين ومنها قوله تعالى : “الذين آمنوا وتطمئن قلوبهم بذكر الله ، ألا بذكر الله تنطمئن القلوب الذين آمنوا وعملوا الصالحات طوبى لهم وحسن مئاب” (الرعد : 29) . وقوله كذلك : “وقلبه مطمئن بالإيمان ولكن من شرح بالكفر صدرا فعليهم غضب من الله ولهم عذاب أليم” (النحل : 106) . ومنها أيضا : “وضرب الله مثلا قرية كانت آمنة مطمئنة يأتيها رزقها رغدا من كل مكان فكفرت بأنعم الله فأذاقها لباس الجوع والخوف بما كانوا يصنعون” (النحل : 112) .وقد من الله سبحانه وتعالى بأكبر نعمة على عباده عو الاطمئنان من الخوف ثم الإطعام من الجوع فقال : “فليعبدوا رب هذا البيت الذي أطعمهم من جوع وآمنهم من خوف” (قريش) وقال رب العالمين : ويثبت الله الذين آمنوا بالقول الثابت في الحياة الدنيا وفي الأخوة ويضل الظالمين” (إبراهيم : 27) . فلا يجتمع الإيمان والقلق في قلب واحد وأن الإيمان يستلزم الاطمئنان ، وتكون النفس المؤمنة هي النفس المطمئنة الراضية المرضية الداخلة في عباد الرحمن أصحاب جنة النعيم فيقول “يا أيتها النفس المطمئنة ، ارجعي إلى ربك راضية مرضية ، فادخلي في عبادي وادخلي جنتي” (الفجر : 30) .
قبسات مضيئة
من القرآن الكريم
“قد أفلح من زكاها وقد خاب من دساها” (الشمس : 10) .
من الهدي النبوي
“لا تصاحب إلا مؤمنا ولا يأكل طعامك إلا تقي” (رواه أبو داود) .
من الأدعية المأثورة
“اللهم اهدني وسددني” (رواه مسلم) .