الخليج اليوم – قضايا إسلامية – الأحد 15-ديسمبر-1985 م
صدرت في الولايات المتحدة الأمريكية في الأعوام الأخيرة بحوث ودراسات علمية وتاريخية وفكرية لتحليل وتقييم ظاهرة حركة الصحوة الإسلامية التي بدأت في السبعينات من القرن العشرين ، في مختلف أنحاء العالمين العربي الإسلامي . وتؤكد تلك الأبحاث التحليلية أن لصحوة الإسلامية هي التي تبعد الأمة العربية والإسلامية عن التأثر بالحضارة الغربية وعن الانبهار بعلمانية الغرب وأنصارها .
الصحوة الإسلامية تصون الأمة من الانهيار
لقد أكد البحث الذي قدمه الباحث الأمريكي “جون فول” تحت عنوان :”ظاهرة الإسلام في العصر الحديث” أن حركة الإحياء الإسلامي المعاصرة تقف ضدا العلمانية وضد ربط المجتمع الإسلامي بالاستعمار الغربي وضد محاولات دعاة القومية لتحليل المجتمع بعيدا عن الرابطة بالدينية والأخوة الإسلامية العامة الشاملة .
ويقول الباحث الأمريكي المذكور إن الصحوة الإسلامية هي التي تصون المجتمعات من الانهيار الخلقي والمعنوي الذي تتعرض له الآن المجتمعات العلمانية في الغرب والشرق تحت تأثير النظريات المادية . وأضاف ذلك البحث : أن العلمانيين كانوا يستغلون الإسلام مع ظهور القوميات ، وبدء حركات الاستقلال عن الاستعمار الغربي ، كشعار لتحريك الجماهير كشفوا عن أهدافهم ومآربهم من استغلال الإسلام ورجاله .
ثم قال الباحث “جون فول” أثناء تحليله لظاهرة الصحوة إن أنصار الإحياء الإسلامي في السبعينات ، يقفون في مواجهة هؤلاء العلمانيين وضد تحويل المسلمين عن الدين والتعاليم الإسلامية الحقة ويطالبون بتحرر المجتمع الإسلامي من الغزو الخارجي العقدي والفكري .
ودعا الباحث بكل دهاء ومكر إلى مقارنة بين حركات الإحياء الإسلامي في العصر الحالي في الدول التي يمثل فيها المسلمون أقلية ، وبين الدول التي يمثل فيها المسلمون أغلبية . وأشار في نهاية تحليله مقارنته إلى أن ظاهرة العلمانية تسود في الدول التي يمثل فيها المسلمون الأغلبية أكثر مما تسود في الأقليات الإسلامية في غرب آسيا ، وجنوب شرق آسيا والصين والهند وغيرها .
إعادة بناء المجتمع الإسلامي
وأخطر الأبحاث العلمية الأمريكية لتحليل حركة الصحوة الإسلامية ، هو ما قدمته الباحثة الأمريكية “إيفون حداد” فهي ترى أن المسلمين في العصر الحديث يقومون بالبحث عن كيفية تفوق الغرب في العلوم والتكنوللوجيو والسياسة والاقتصاد ، وعن أسباب انحطاط مستوى الدول الإسلامية في هذه المجالات ، وأشارت في أيضا في بحثها إلى أن المسلمين الآن مشغولون بالبحث عن العزة والكرامة والاستقلال الفكري والحضاري ، وأن هذه الظاهرة تتحدى الحضارة الغربية ، وكما أنها تهدف إلى إعادة بناء المجتمع الإسلامي مع العودة إلى تقاليد الحضارة الإسلامية في الماضي ، ومع تطوير الصماعة الوطنية والاستقلال السياسي والثقافي .
الحضارة الغربية والحضارة العربية وقسمت “إيفون” المثقفون العرب إلى قسمين قسم درس الحضارة الغربية وتأثربها ، وقسم درس الحضارة العربية والإسلامية وتأثر بها . ثم قالت بكل إيحاء إلى بث بذور البلبلة وسموم الفرقة الفكرية في الأذهان : إن القسم الأول يرى أن الإسلام والحضارة العربية والإسلامية يمكن إعادة تفسيرها لتياسر الحضارة الغربية في العصر الحديث ، وأما القسم الثاني فيرى أن إعادة بناء المجتمع الإسلامي في العصر الحديث تتطلب العودة إلى أصول ومبادئ الحضارة الإسلامية في الماضي ، وقبل ظهور أوربا على المسرح العالمي ، حيث بدأ المجتمع الإسلامي يفقد قدرته إزاء الغز الغربي وتدخلاته في شؤون الأمة العربية والإسلامية بالعنف وقوة السلام .
الأهداف من وراء التحليل لحركة الصحوة !
لا يخفى على من له إدراك وفهم لمجريات الأمور وتطورات العصر أن الغاية المنشودة من مثل هذه الأبحاث العلمية التي تقول بها الجهات المغرضة في أمريكا وأوربا وغيرهما من البلدان التي تحكمها النعرة الاستعمارية والسيطرة الصهيونية ، إن هي إلا الاستعداد لمواجهة تحدي حركة الصحوة الإسلامية وحماية المجتمعات الغربية التي تتعرض الآن لإيثار فشل النظريات المادية الني يتبناها قادتها ، في نشر السعادة والأمن والطمأنينة في أبنائها عن التأثر بالإسلام ومبادئه وحضارته .
وأخيرا يصف اهتمام العالم العربي والإسلامي ، عن البحث ع هويته وعزته وكرامته وأهدافه النبيلة من هذه الحياة على وجه الأرض ، فهناك ارتباط قوي بين ما تتعرض له المجتمعات الغربية الآن من الانهيار الخلقي والمعنوي ، وأعمال الجرائم والفساد والانتحار ، وبين ما يجد العقلاء منها في النظام الإسلامي الصحيح من بواعث النجاة من تلك المخاطر ، والمهالك المحدقة بها ، ووسائل الطمأنينة القلبية والسعادة الروحية لكل من يتخذه سبيلا في حياته .