الخليج اليوم – قضايا إسلامية – السبت 22-مارس-1986 م
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : الدعاء مخ العبادة” وفي حديث آخر : “الدعاء هو العبادة ” ، وقد جاءت في القرآن الكريم آيات كثيرة عن الدعاء وفضائله وأنواعه وطرقه ، ومنها قوله تعالى : “وقال ربكم ادعوني أستجب لكم” (غافر : 60) . وقوله أيضا : “ادعو ربكم تضرعا وخفية إنه لا يحب المعتدين” (الأعراف : 55) . ويقول جل وعز عن استجابته لدعاء عباده : “وإذا سألك عبادي عني فإني قريب أجيب دعوة الداعي إذا دعان” (البقرة : 186) . ويقول أيضا : “أمن يجيب المضطر إذا دعاه ويكشف السوء” (النمل : 62) .
الدعاء يرد البلاء ويصرف السوء
يقول الرسول صلى الله عليه وسلم : “ما على ظهر الأرض مسلم يدعو الله تعالى بدعوة إلا أتاه إياها أو أدخر له من الأجر مثلها أو صرف عنه من السوء مثلها ” . وكان الله جل جلاله ف يأعظم ما يكون من الحنان والرحمة والفضل والكرم إذ قال لعباده : ” سألك عبادي عني فإني قريب أجيب دعوة الداعي إذا دعان ، فليستجيبوا لي وليؤمنوا بي لعلهم يرشدون” .
ولقد روى عن ابن عباس رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يناجي ربه حين ينزل به كرب فيقول : “لا إله إلا الله العظيم الحليم لا إله إلا الله رب العرش العظيم ، لا إله إلا الله رب السماوات وري الأرض ورب العرش الكريم” .
وإذا كان المسلمون اليوم ، في مشارق الأرض ومغاربها يعانون من أنواع الكروب والحروب والمصائب والملمات فلعلهم يتوجهون بالدعاء القلبي إلى الرب الودود ، فعسى أن يأتي لهم بالنصر والفتح والنجاة من الكرب العظيم ، وإلى هذه الحقيقة الفطرية والعناية الإلهية يشير قوله تعالى في قرآنه العظيم إذ قال : “قل ما يعبأ بكم رب لولا دعاؤكم ، فقد كذبتم فسوف يكون لزاما ” ، ومعنى هذه الآية إن الإنسان بمعاصيه وآثامه وتكوينه وعناده وكبريائه يستحق العقاب الأليم والعذاب المهين ، ويطرد من دائرة إكرام الله تعالى واهتمامه به ولا يقام له وزن في الدنيا ولا في الآخرة ، فيتداركه رب العزة ، بمحض فضله وكرمه ، بسبب دعائه فقط حيث قال الرب مخاطبا رسوله وصفيه ، لا بلاغ هؤلاء العصاة والطغاة من أمته : “قل ما يعبؤ بكم رب لولا دعاؤكم” وسواء كان المراد بالدعاء هنا التوجه إلى الله تضرعا وخفية بالسؤال والرجاء والدعاء كما يرى بعض المفسرين أو المراد به العبادة ، بمعناها العام ، حسب رأي الآخرين فكلاهما واحد في المغزى العام لأن الدعاء مخ العبادة .
قبس من داعية الرسول
كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يستحب دائما جوامع الكلم من الدعاء وكان أمام المتقين وقدوة المؤنين وأحسن مخاطب ريه ودعائه وندائه فحرى بالمؤمنين الصادقين أن يختاروا قبسا من أدعية المصطفى صلى الله عليه وسلم لأن كلماته من الجوامع اللمنتقاة ، وفي الوقت نفسه ادعيةة واثقة مستعطفة .
ومن جوامع دعائه صلى الله عليه وسلم لرد البلاء : “اللهم إني أعوذ بك من جهد البلاء ودرك الشقاء وسوء القضاء وشماتة الأعداء ” ، (متفق عليه) . وأيضا :” اللهم إني أعوذ بك من الجوع فإنه بئس الضجيع وأعوذ بك من الخيانة فإنها بئس البطانة” (أبو داود) . وكذلك : “اللهم أصلح لي ديني الذي هو عصمة أمري ، وأصلح لي دنياي التي فيها معاشي ، وأصلح لي آخرتي التي فيها معادي ، واجعل الحياة زيادة لي في كل خير واجعل الموت راحة لي من كل شر” (رواه مسلم ) .
ومن دعاؤه الجامع الشامل : “اللهم إني أعوذ بك م الهم والحزن وأعوذ بك من العجز والكسل واعوذ بك من الجبن والبخل وأعوذ بك من غلبة الدين وقهر الرجال” (مسلم) .
فضل الدعاء لأخيه
لقد وردت في القرآن الكريم عدة آيات كما رويت عن النبي صلى الله عليه وسلم أحاديث صحيحة كثيرة في فضل الدعاء لأخيه بظهر غيبه ، ومن هذها لآيات المحكمات : “والذين جاؤوا من بعدهم يقولون ربنااغفر لنا ولإخواننا الذين سبقونا بالإيمان ” (الحشر : 10) .
وكذلك قوله تعالى مخاطبا نبيه الكريم : “واستغفر لذنبك وللمؤمنين والمؤمنات” (محمد : 19) . ومن الأحاديث الواردة فيه ما رواه الإمام مسلم في صحيحه : “ما من عبد مسلم يدعو لأخيه بظهر الغيب إلا قال الملك ولك بمثل” . وفي رواية أخرى أنه قال : “دعوة المسلم لأخيه بظهر الغيب مستجابة ، عند رأسه ملك موكل كلما دعا لأخيه بخير قال الملك الموكل به : آمين ولك بمثله” .
قيل لرسول الله صلى الله عليه وسلم : أي الدعاء أسمع؟ قال : ” جوف الليل الأخير ودبرالصلوات المكتوبات ، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : “أقرب ما يكون العبد من ربه وهو ساجد فأكثروا الدعاء” (رواه مسلم) .
لا استعجال في الاستجابة
لقد نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن الاستعجال في الاستجابة فقال : “يستجاب لأحدكم ما لم يعجل ” يقول : قد دعوت ربي فلم يستجب لي ” (متفق عليه) .