الخليج اليوم – قضايا إسلامية -1987 م
إذا قمنا بتطواف سريع حول مجريات الأمور في بلاد المسلمين وفي صفوفهم ، بعين البصيرة لا البصر وحده وبعقلية محايدة لا بعاطفة متميزة ، ندرك حق الإدراك بأن العلم الإسلامي اليوم قد وقع في مصيدة قد أحكم نسجها ورتب وضعها وحدد هدفها بعد دراسات دقيقة وعميقة وقدرات حكيمة وحتمية ، من جانب دهماء الأعداء وحكماء الساسة ونبهاء التخطيط والتنفيذ .
وإذا سرنا خطوة إلى الأمام في هذا التجوال لنرى وندرك كذلك أن حبائل تلك المصيدة محدودة وموصولة إلى كل مكان وشبر من ديار المسلمين ، الأغلبية منهم والأقلية بصرف النظر عن انتماءاتهم العقدية والمذهبية ونظرياتهم السياسية أو اتجاهاتهم الفكرية ، نحو الغرب أو الشرق ، وكفى لناصبي هذه المصائد العريضة بفروعها وأشكالها وألوانها ونقوشها المتنوعة اسم الإسلام ولقب المسلمين ، لأن هدفهم الإسلام المطلق ن والمنتمون إليه بأي شكل كان ، وأن إيقاف المد الإسلامي ولو كان رسميا أو رمزيا فقط ، هو الخلاف المنشود لتلك الدراسات وهذه القوالات الموضوعة في حيز التنفيذ .
وأما المكاسب التي يهدفونها من هذه المصائد أو المضار التي يريدون دفعها عن طريق هذه المكائد فنوعان :
1 – صد المد الإسلامي ونمو المسلمين .
2 – سلب الثروات والخدمات والمصادر الطبيعية الهائلة المتوفرة في أرجاء العالم العربي الإسلامي .
ولا يتأتى هذا السلب إلا بصرف أذهان أصحابها عنها إلى أمور أخرى ، وفي مقدمة تلك الأمور تشغيلهم بأنفسهم بقضايا داخلية وتافهة وتبديد مواهبهم الذاتية والفكرية في المنازعات الفرعية والهامشية قبل أن يفكروا في استخدامها في أشياء تنفعهم ، وقبل أن ينتبهوا إلى الأعداء المتربصين لامتصاص ثرواتهم والاستيلاء على مصادر طاقاتهم والتحكم في تقرير مصيرهم ، وهكذا يحقق هؤلاء الأعداء من كل فج عميق هدفين هامين في وقت واحد من هذا التبديد الشامل ، أي الفكري والمادي ، أي إضعاف المسلمين كقوة مستقلة ذات إرادة قوية لتصريف شؤونها وشخصية ذات نفوذ في شؤون عالمها .