الخليج اليوم – قضايا إسلامية السبت 28-فبراير-1987 م
إن صرح النظام الإسلامي الذي أرسى قواعده دستوره الخالد وهو كتاب الله وسنة رسوله ، لا يتم بناؤه إلا على دعائمه الأربعة المتكاملة ، أن تلك الدعائم إنما هي العناصر التي يجب أن تتوفر في بناء ذلك النظام ، لكي يكون نافذ المفعول وواضح المعالم وقوى الأركان ، وأما هذه العناصر الأربعة الرئيسية فهي : العقيدة ، والعبادة ، والأخلاق ، والمعاملة ، فكل منها يكمل الآخر ، وإذا فقد واحد منها أو صعف ، لا يكون ذلك البناء كاملا ومتماسكا بحيث يحقق الهدف المنشود منه .
وجعل القرآن هذه العناصر في مقدمة شعار المؤمنين وصفاتهم اللازمة إذ قال : “الذين إن مكناهم في الأرض أقاموا الصلاة وآتوا الزكاة وأمروا بالمعروف ونهوا عن المنكر ولله عاقبة الأمور” .
إن نفس الإنسان المسلم إذا انطبعت بعقيدة الإسلام الصحيحة وأخلاقه الفاضلة ومعاملاته الإنسانية النبيلة ، ينقاد تلقائيا لتطبيق النظام الإسلامي في شعب حياته كلها ، مع الاستعداد التام لتنفيذ جميع القوانين والضوابط الإسلامية في حركاته وسكناته ، وينبغي أن يكون إعداد الأفراد والجماعات ، على هذا النمط من العقيدة والعبادة والسلوك العام ، المهمة الأولى لدعاة تطبيق الشريعة الإسلامية كنظام كامل ومتكامل في مجتمع إسلامي أو في دولة من دول المسلمين ، بدون تركيز أو تكريس جهودهم والقصاص ، أو الأحوال الشخصية كالزواج والطلاق وتعدد الزوجات .
وأن صب كل الاهتمام على مثل هذه النواحي من النظام الإسلامي الشامل المتكامل ، يساعد على صرف اهتمام المجتمع عن النواحي الأخرى الرئيسية من ذلك النظام ، وكما أن هذه الحالة لتسرب خصوم الإسلام ، من الداخل والخارج ، إلى صفوف الجماهير أو ضعاف الإيمان أو قليلي الفهم من المبادئ والتعاليم الإسلامية ، لكي يبثول سموم التشكيك التمويه في دعائم الإسلام وغاياته الكبرى – كما نقرأ ونسمع ليلا ونهارا وسرا وجهارا من أبواق مثل هؤلاء المغترين والمتربصين ، أن تطبيق الشريعة إنما يهدف قطع اليد ورجم الزاني وجلد الشارب ليس إلا . . وأما بالنسبة إلى الأحوال الشخصية فلا ينبغي التركيز على جواز تعدد الزوجات وأحكام الطلاق والمهور بل يجب تقديم وتوضيح هذه الناحية من نواحي النظام الإسلامي للمجتمع الإسلامي بل للعالم كله ، في إطاره الشامل وبكل المقتضيات والشروط والواجبات اللازم توفرها في مثل هذه الأمور الحية التي تمس الحياة الشخصية للأفراد والجماعات ، ويتخذ منها الآخرون وسيلة أو ذريعة لتصحيح الفهم لنظام الإسلام أو تشبيهه ، كل حسب نياته ومقاصده .
إن الشريعة الإسلامية لا تنفصل معاملاتها عن عقيدتها ولا تنفصل أخلاقها عن عبادتها ، بل إن عناصرها الأربعة وحدة متكاملة ومتماسكة .