الخليج اليوم – قضايا انسانية- 23/9/1985
من أهم الأهداف المنشودة من تعاليم الإسلام الحقة حسب مفهوم الطاقة البشرية – صقل العقول الإنسانية بعقيدة التوحيد ، وتنويرها بالمعارف والعلوم الحقة ، وتقويم الأخلاق بالكمالين الروحي والنفسي معا ، وفتح باب الكرامة والعزة لكل نفس وإزالة الفوارق المفتعلة بين بني آدم على أساس اللون أو الجنس أو اللغة حتى تتحقق المساواة الإنسانية السامية على أساس المثل العليا .
أولا : صقل العقول الإنسانية بالإيمان ..
إن الإسلام يهدف أولا قبل كل شيئ إلى تنوير العقول بالإيمان بوجود صانع لهذا الكون ، والتوحيد في هذا الصانع الخالق العالم بجميع الأمور ، فلا يجري أمر في هذا الكون إلا بقضائه وأمره ومشيئته وإرادته ، وهو علام الغيوب ، وإلى تطهيرها من أدران الخرافات والخزعبلات ، ونبذ كل ظن في إنسان أو أي مخلوق آخر علويا كان أو سفليا ، بأن يكون له أثر في الكون من نفع أو ضر وبهذا خلص الإسلام العالم الإنساني من العبودية الفكرية والعقدية ،
ثانيا : نشر العلوم والمعارف ..
دعا الإسلام إلى تعليم جميع طبقات الأمة وتنوير عقولها بالمعارف الحقة والعلوم النافعة وقد أوجب طلب العلم والتثقف بثقافات إنسانية عليا إيجابا لا مفر منه أمام حكم الإسلام ومبادئه ويقول الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم : “طلب العلم فريضة على كل مسلم ومسلمة ” . وهذا التوجيه يشمل كل مسلم ومسلمة بدون قيد ولا شرط ولا استثناء.
ثم يقول : ” بعثت لأتمم مكارم الأخلاق ” ، فيتبين من هذا أو ذاك أن مهمة الإسلام أولا بالذات تثقيف العالم الإنساني بثقافات وتربيته تربية عالمية وطبعه على الأخلاق المحمودة .
ثالثا : فتح بات العزة والكرامة ..
فتح الإسلام باب الشرف والكرامة والسمو للأنفس كلها ، فلكل نفس حق السمو إلى الكمالات الإنسانية ما استطاع إليه سبيلا ،ومحق امتياز الناس على أساس اللون والجنس واللغة وغيرها من الحواجز غير الفطرية ، فلا تفاضل بين الأفراد والجماعات إلا بالفعل الصالح العام لخبر الإنسانية كلها ولا فخر لأحد على آخر ، ولا فضل لعربي على عجمي ولا لأبيض على أسود إلا بالتقوى ، فيقول الرسول الأعظم صلى الله عليه وسلم : “لا فضل لعرب على عجمي ، ولا لعجمي على عربي ، ولا لأبيض على أسود ولا لأسود على أبيض ، إلا بالتقوى ، فالناس كلهم سواسية كأسنان المشط ” .
ويقول القرآن الكريم : “يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله أتقاكم إن الله عليم خبير ” . ثم يحدد فضل الإنسان مهما بلغ في الكمال النفسي ، والمالي ، والعلمي وغيرها في دائرة سعيه ، فيقول : “وأن ليس للإنسان إلا ما سعى ” .
رابعا : تقويم الإنسان روحيا ونفسيا ..
لا يكتفي الإسلام بأحد الكمالين دون الآخر لأن الإنسان في نظر الإسلام مركب من شيئين “الروح والنفس” ، فلا تكمل الإنسانية إلا بالكمالين معا . ويوجب على العالم الإنساني كله أن يصل إلى كمالي الروح والنفس ، وتقويمه بهما فيعلق القرآن الحكيم غرض بعثة محمد عليه السلام بدستور إلهي إلى العالم الحائر المضطرب بقوله : ” وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين ” ..
وعلى هذه المبادئ بني صرح الإسلام ، وبها خلص ذلك العالم الزاخر من المشاكل المحيطة به والأخطار وأن الغايات المنشودة منها وهي تقويم المدنية ، وتشييد بناء النظام ، ونشر العدل والأمن والرخاء وتدعيم السعادة الإنسانية ماديا وروحيا .