صوت الشرق – مارس 1954م
يقول العلامة الشهرستاني المتوفى في سنة 548هـ – 1153م في كتابه “الملل والنحل” في معرض تقسيم أهل العالم بحسب الأمم “كبار الأمم أربعة : العرب والعجم والروم والهند ثم زواج بين أمة وأمة ” وذكر أن العرب والهند يتقاربان نحو مذهب واحد وأكثر ميلهم إلى تقرير خواص الأشياء والحكم بأحكام الماهيات والحقائق واستخدام الأمور الروحانية ؟
ومن هنا كانت الأمور في البلدان تسير على نهج واحد ، ومن ناحية أخرى كانت منتجات الهند ومحصولاتها موضع اهتمام العرب ولا سيما التجار منهم : فعملوا على الاتجار معها ، وهذه العلاقات التجارية ترجع إلى عهود طويلة حتى قيل أن تسمية البلاد الهندية بالهند – والمعروف أن اسمها الأصلي “بهارات” – يرجع إلى العرب لأنهم كانوا يلقبون كل شيء محبب إليهم بلفظ الهند أسوة ببناتهم فحين توثقت العلاقات التجارية بين البلدين وأصبحت “بهارات” ومنتجاتها محل إعجاب العرب وتقديرهم ، بدأوا يستعملون كلمه “الهند” في موضع “بهارات” في محادثاتهم ومحاوراتهم ، وأصبحت على ممر الأيام تشتهر بهذا الاسم .
وبعد أن ظهر الإسلام في جزيرة العرب ، واتسع الفتح الإسلامي بدخول القائد العربي محمد بن القاسم إلى شمال الهند الغربي في نحو 91 هجرية ، وأصبحت اللغة العربية وآدابها منتشرة في أنحاء الهند ، وكان رجال العرب المتشبعون بدعوة الإسلام ، وكذلك الهنود الذين اعتنقوا الدين الإسلامي ، يبذلون أقصى جهودهم في سبيل نشر اللغة العربية وآدابها في أنحاء البلاد باعتبار كونها لغة القرآن الكريم والدين الجديد .
مؤلفون من الهند :
وفي القرن السابع الهجري وفد إلى ولاية مليبار بجنوب الهند الغربي الشيخ زين الدين المعبري قادما من بلاد العرب واستقر فيها ، حيث أسس مساجد عديدة ومدارس عربية مختلفة قصد إليها الطلاب من كل صوب للتزود من تلك المناهل ، ولما أصبحت الهند تحت حكم السلاطين المغول أسسوا في مختلف أنحاء الهند المدارس العربية والمعاهد الإسلامية ، ولقد رأينا كتابا ومؤلفين من الهنود أضافوا مؤلفات عظيمة وبحوثا رائعة قيمة إلى المكتبة العربية كما بذلوا جهودا جبارة في سبيل الكتابة في مختلف المواضيع من تفسير كتفاسير تبصير الرحمن وتيسير المنان لعلاء الدين بن أحمد ، وفتح الخبير للشاه ولي الله الدهلوي و”سواطع الإلهام” لأبي الفيض الفيضي – أو أحاديث كالتي وضعها المحدث المشهور ثناء الله الأمر تسري تفسيرا فريدا في نوعه باسم “تفسير القرآن بكلام الرحمن ” ومن فقه “كفتاوى عالمكيري” المعروف بالفتاوى الهندية وهو من أحسن الكتب التي وضعت في الفقه الحنفي حتى الآن ، وقد ألفته هيئة من كبار علماء الهند .
مناهج الأزهر في الهند :
وفي الوقت الجاضر تدرس اللغة العربية في المدارس الحكومية والجامعات لنيل الأجازات العلمية .
فالروابط التي تربط مقدمتها مصر – غير مقصورة على النواحي الاقتصادية والدنيوية فحسب ، بل هي تتعد ذلك إلى النواحي المعنوية والثقافية أيضا ، ومن هنا أصبحت الصلات بين الهند وشقيقاتها البلاد العربية وثيقة الأواصر ، مدعمة الأسس .