الخليج اليوم – قضايا إسلامية -1987 م
كانت المهمة الأولى للقرآن الكريم الذي نزل ليخرج الناس من الظلمات إلى النور وليهديهم إلى الصراط المستقيم وليفتح أمامهم أبواب التقدم والرخاء في جميع مجالات الحياة البشرية وليحقق لهم سعادتي الدارين – الدنيا والآخرة – ولينشر الأمن والطمأنينة في الجنس البشري الذي كان يهدده الطمع وحب الذات والحقد والعبث بنعم الله وآلائه حسب النزوات والأهواء لبعض الناس دون مراعاة حقوق ومشاعر الآخرين ، هي تحرير العقول البشرية من رق التقليد الأعمى .
فحفز الإنسان إلى النظر والفكر والبحث وحرره من قيود الجمود والحجر الفكري وحذره من التقاليد والأوهام والخرافات وأساطير الأولين .
ونزل القرآن أول ما نزل في أمة بعيدة عن المباحث العقلية والمسائل الكونية والعلوم الطبيعية وقد ملكت قلوبهم أساطير آبائهم الأولين ، كما أشار إليه القرآن الكريم : “هو الذي بعث في الأميين رسولا منهم يتلو عليهم آياته ويزكيهم ويعلمهم الكتاب والحكمة وإن كانوا من قبل لفي ضلال مبين” (الجمعة : 2) .
وبفضل إرشادات القرآن ودعوته الصريحة المتكررة إلى التفكير والنظر في صحف الطبيعة والتدبر في الآيات الكونية التي أودعها الله في الآفاق ، بدء عهد البحث والنظر في أرض القرآن وولت في ظله قيود التقليد والجمود واستنارت البصائر وتحررت العقول فوطئت أمة القرآن معاقل العلوم والحكمة في كل مكان وكان رائدها في ذلك التيار الجارف إرشاد رب العالمين إلى الاستنارة بنور العلم في أول ما نزل من آيات كتابه الحكيم إلى إرشاد نبيه الكريم إذ قال :”الحكمة ضالة المؤمن” .
وقد أمد القرآن أتباعه بطاقة روحية جعلت منهم أمة ناهضة في جميع مرافق الحياة ، وتجمع بين نور الإيمان ونور العلم وتطرد ظلام الكفر وظلام الجهل .
وبفضل هذا التغيير الجذري في النظرة إلى الحياة وصلت أمة الإسلام خلال فترة قصيرة من بدء نزول القرآن ، إلى نهضة فكرية وحضارية قائمة على دعائم قوية من العلوم العقلية والكونية البعيدة عن رق التقليد الأعمى ، وعبودية القوى العظمى .