الخليج اليوم – قضايا إسلامية الأربعاء 5-نوفمبر -1986 م
لقد اعلن القرآن الكريم أن الإسلام إنما هو دين الأنبياء والمرسلين جميعا ، وقد سماهم وأتباعهم “المسلمين” ، وكذلك أوصى أولئك الأنياء أبناءهم وأبساطهم وأقوامهم أن يكونوا مسلمين فيقول القرآن الكريم : “ومن يرغب عن ملة إبراهيم إلا من سفه نفسه ، ولقد اصطفيناه في الدنيا وإنه في الآخرة لمن الصالحين ، إذ قال له ربه أسلم قال أسلمت لرب العالمين ، ووصى بها إبراهيم بنيه ويعقوب يا بني إن الله اصطفى لكم الدين فلا تموتن إلا وأنتم مسلمون ، أم كنتم شهداء إذ حضرر يعقوب الموت إذ قال لبنيه ما تعبدون من بعدي قالوا نعبد إلهك وإله آبائك إبراهيم وأسمعيل وإسحق وإلها واحدا ونحن له مسلمون” (البقرة : 133) , ثم أمر القرآن أمة محمد صلى الله عليه وسلم : “قولوا آمنا بالله وما أنزل إلينا وما أنزل إلى إبراهيم وإسماعيل وإسحق ويعقوب والأسباط وما أوتي موسى وعيسى وما أوتي النبيون من ربهم لا نفرق بين أحد منهم ونحن له مسلمون” (البقرة : 136) .
وبعد هذا التوحيد العام الشامل بين جميع الرسالات السماوية وبين جميع الأنبياء والرسل بدون تفريق بالإسلام المطلق لله رب العالمين ، وبعد أن جمع هؤلاء المسلمين كلهم تحت لواء “الوحدة الإسلامية” قد اختار الله سبحانه وتعالى لهم قبلة واحدة يولون إليها وجوههم في صلواتهم ، ويتخذونها نقطة تركيز لأذهانهم ، ووجهة تسوية لصفوفهم ، حيثما كانوا في أرجاء الدنيا وأركان الأرض وأجواء الفضاء فأعلن : “وحيث ما كنتم فولوا وجوهكم شطره لئلا يكون للناس عليكم حجة إلا الذين ظلموا منهم فلا تخشوهم واخشوني ولأتم نعمتي عليكم ولعلكم تهتدون” (البقرة : 150) . وقد أشار الله تعالى في هذه الآية إلى اختيار الكعبة قبلة للمسلمين لإتمام نعمته عليهم ، ولاهتدائهم إلى الطريق القويم ، وذلك لأن الكعبة إنما هي أول بيت وضع للناس على وجه الأرض لعبادة الله عز وجل ، وكان يحج إليها جميع الأنبياء والرسل منذ أبي البشر آدم عليه السلام ، وقد أعاد بناءه أبو الأنبياء إبراهيم عليه السلام ، مع ابنه أبي العرب إسماعيل عليه السلام ، كما أنها تقع في نقطة الارتكاز في وسط محور الكرة الأرضية كونيا ، وفي وسط القارات وفي مركز الممرات بين الشرق والغرب جغرافيا وفي منتصف مراكز المواصلات العالمية استراتيجيا ، فصارت قبلة جديرة للأمة “الوسط” التي أعلنها رب البشر على الملأ فقال : “وكذلك جعلناكم أمة وسطا لتكونوا شهداء على الناس “(البقرة : 143) . ثم جعل وجهة هذه الأمة وجهة واحدة فقط ألا وهي “وجهة الخير العام” فقال أمرا ومرشدا : “ولكل وجهة هو موليها فاستبقوا الخيرات ” (البقرة : 148) فصارت قبلتهم قبلة الأمم وصارت وجهتهم خيررالأمم ! .
ويتبين من هذه الإرشادات الإلهية أن أمة الإسلام في مشارق الأرض ومغاربها على اختلاف أجناسها وألوانها ولغاتها وديارها ، أمة واحدة ولا ينبغي أن تفرق صوفها القوميات وأن تمزق أوصالها العصبيات ، وأن تشتت شملها النعرات الحزبية وأن تبدد طاقاتها الأهواء الشخصية “إن هذا لشبيئ عجاب” !
قبسات مضيئة
من القرآن الكريم
“ألم يأن للذين آمنوا أن تخشع قلوبهم لذكر الله ، وما نزل من الحق ، ولا يكونوا كالذين أوتوا الكتاب من قبل فطال عليهم الأمد فقست قلوبهم وكثير منهم فاسقون” (الحديد : 16) .
من الهدي النبوي
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : “لتسون صفوفكم أو ليخالفن الله بين وجوهك” (متفق عليه) .
من الأدعية المأثورة
وروى البخاري ومسلم رضي الله عنهما عن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال له : “ألا أدلك على كنز من كنوز الجنة؟ ” فقال : بلى يا رسول الله قال : “قل لا حول ولا قوة إلا بالله” .