صوت الشرق يناير 1964م
ومن أروع مظاهر الاحتفال بعيد الجمهورية هناك ، ذلك الموكب الهائل الذي يبدأ من مقر رياسة الجمهورية بدلهي الجديدة وينتهي عند القلعة الحمراء التاريخية في دلهي القديمة ، هناك تؤدي التحية الرسمية لرئيس الجمهورية ، وهو يرتقي منصة علية تقام في الميدان الفسيح أمام المقر الحكومي بالعاصمة ، إلى جوار بوابة الهند الشهيرة .
عيد الاستقلال
نال الهند استقلالها كاملا غير منقوص في الخامس عشر من شهر أغسطس عام 1947 ، وبعد كفاح مرير دام سنوات طويلة ، وضحى الآلاف من أبناء الهند البررة بأرواحهم في سبيل حرية البلاد ، وتحتفل الهند بهذه المناسبة احتفالا وطنيا رائعا ، وفي عاصمة الهند ، نيودلهي يتوجه رئيس الوزراء في الصباح الباكر إلى القلعة الحمراء ، وبرفع العلم الوطني فوق ساريتها ، ويتلقى التحية العسكرية ، ثم يلقى خطابا وطنيا عاما يعدد فيه إنجازات حكومته في العام الماضي ، ويضع أمام الشعب الخطوط العريضة التي تتخذها الحكومة في العام المقبل ، من أجل نهضة البلاد ورقيها في شتى المرافق .
وكذلك تقام احتفالات مماثلة في عواصم الولايات المختلفة وفي كل منها تلقي خطب وطنية تشيد بالخدمات الجليلة التي قام بها المكافحون الوطنيون في سبيل تحرير البلاد ، وتذكر الشعب بأهمية التضافر الوطني ، والعمل من أجل الحفاظ على حرية البلاد وكيانها .
عيد ميلاد “غاندي”
ومن الأعياد الوطنية التي تحتفل بها الهند كلها ، على الرغم من اختلاف الطوائف والعادات عيد ميلاد غاندي ، وذلك في اليوم الثاني من أكتوبر من كل عام ، تستمر برامج الاحتفال بذكرى ميلاد هذا الأب الروحي للهند مدة أسبوع ، ابتداء من ذلك اليوم ، ويكون الاحتفال بذكرى الراحل العظيم في المدن والقرى بإقليمة مجالس الأدعية الخاصة يشترك فيها مختلف الطوائف والطبقات ويقوم الناس في هذا اليوم بالنسج على المغزل اليدوية المحببة إلى المهاتما غاندي لتشجيع الصناعات اليدوية ، وتعبئة الشعور الوطني وقوى الشعب ، وكذلك تقام الاجتماعات الشعبية العامة في المدن والقرى ، لتبين للناس المبادئ والفلسفة الغاندية في الحياة .
عيد الأنوار
وم الأعياد الشعبية ذات الطابع الديني الهندوسي ، ما يسمى (ديوابي) أي ( عيد الأنوار) وهذا العيد الذي حسب التقويم الهندي التقليدي ومن إلى انتصار الخير على النشر كما تقوله الأساطير الهندية القديمة ، ومع أن هذا العيد مبني على أسطورة هندوكية محضة ، فإن أبناء الطوائف الأخرى أيضا يحتفلون به ويعدونه فألا حسنا ويبدأون به السنة الاقتصادية ويعتبرونه من الأيام التي تجلب لهم حظا سعيدا .
وفي هذا اليوم تضاء البيوت والمتاجر والمباني الحكومية والمنازل وتوزع الهدايا والحلوى على الأطفال والفقراء والجيران والأصدقاء ، وتطلق فيه الألعاب النارية ، وتعقد مجالس الرقص والأغاني الشعبية ، وتعرض الأفلام المسلية وتوضع الشموع الوضاءة في جدران المنازل وساحاته والمباني العامة في المدن والقرى .
عيد الألوان
ويقام في مطلع الربيع ، عيد يسمى بالهندية (هولي) أي عيد الألوان ، ويرمز هذا العيد الهندي الربيعي إلى عدة أساطير هندوكية قديمة ، وأشهرها أسطورة الملك الصالح (براهلاد) الذي كان يتعبد دائما للإله (فشنو) على رغم معارضة عمته الشريرة (هوليكا) ولما بئست من محاولاتها لصرفه عن عباداته قررت التخلص منه بحرقة بنار موقدة ولكن (هوليكا) احترقت بالنار التي أوقدتها لحرق الملك ، الذي نجا بأعجوبة بفضل الإله (فيشنو) .
وفي ذلك اليوم يجتمع الناس في الطرق والحارات حاملين أنابيب مليئة بالمياه الملونة يفاجئون بها المارة على اختلاف طوائفهم ويلصقون على جباه الأصدقاء والجيران صبغة ملونة ومستديرة كالشامة ، وينثرون المساحيق على ملابسهم ، وهكذا يسود في ذلك اليوم جو من المرح في كل مكان وفي ليلة عيد (هولي) تشعل النيران في الأماكن العامة وفي ساحات المنازل إيذانا باحتراق (هوليكا) وانتصار الحق على الباطل .
عيد ميلاد “بوذا”
وهناك عيد تحتفل به الهند كلها يسمى (بوذا جايانتي) أي ميلاد بوذا ، ويحتفل به حسب التقويم الهندي في شهر “فيساكا” ويوافق عادة شهر أبريل أو مايو ، وقد ولد بوذا في عام 562 قبل الميلاد بمدينة (لومبيني) في نيبال ، ويشترك في الاحتفال بهذه المناسبة التاريخية جميع الطوائف في الهند .
الأعياد الإسلامية
وهناك أعياد ذات طابع إسلامي خاص ، تحتفل بها الهند حكومة وشعبا على نحو شامل ، وفيها تكون إجازات رسمية عامة في جميع المكاتب الحكومية ، ويشترك مع المسلمين في الاستعداد لهذه الاحتفالات أبناء الطوائف الأخرى ومن هذه الأعياد : عيد الفطر وعيد الأضحى وعيد المولد النبوي .
عيد الفطر
هو يوم عطلة رسمية في كل أنحاء الهند ، ومنذ رؤية هلال دل شوال ، تكتسي المدن والقرى الآهلة بالمسلمين ، حللا قشيبة ، وتزدحم الطرق والميادين بأكشاك باعة الحلوى والفواكه ، ومحال بيع الملابس الفاخرة ، وأدوات الزبنة وأما الاستعدادات للاحتفال بعيد الفطر فتبدء في منتصف شهر رمضان المبارك ، وقبل أيام من حلول يوم العيد ، يهرع الناس إلى الأسواق لابتياع الملابس الجديدة واللوازم المنزلية ، ويدب في كل بين من بيوت المسلمين نشاط وفرح ابتهاجا بقدوم هذا اليوم السميد ، ويلعب الأطفال بالمفرقعات وأنواع اللعب العديدة وتضاء الجوامع بالأنوار الساطعة ويبدأ تبادل التهاني بين الصغار والكبار ، والكلمة التي تردد في كل مكان هي “عيد مبارك” ويتبادل فيه المسلمون مع إخوانهم من الطوائف الأخرى التهاني والزيارات ، وتقام الحفلات والولائم .
عيد الأضحى
وعيد الأضحى هو العيد الإسلامي الثاني الذي يقام في جميع أنحاء الهند ويعرف هذا العيد هناك بعيد القربان أو “عيد البقر” نظرا لما يقدم فيه من القرابين ، وأما مظاهر الاحتفال به فلا تختلف عن الاحتفالات عيد الفطر ، ولكن الحفلات العامة والاجتماعية تقام فيه عادة في المساء ، لأن المسلمين يكونون مشغولين من الصباح الباكر في أداء صلاة العيد وشعائر تقديم القرابين ، ويستمر ذبح القرابين لمدة ثلاثة أيام بعد يوم العيد ، أي العاشر من شعر ذي الحجة وتعرف تلك الأيام الثلاثة باسم (أيام التشريق) في العرف الإسلامي .
عيد الميلاد النبوي
وأما عيد ميلاد محمد بن عبد الله النبي صلى الله عليه وسلم الذي يقع في اليوم الثاني عشر من شهر ربيع الأول من الأشهر العربية ، فتعقد فيه الاجتماعات الكبرى في كل البلاد تحت إشراف الهيئات والجمعيات الإسلامية ، ويحضر فيها كبار الشخصيات وزعماء الوطن ، وكبار المسلمين وعامتهم ، حيث تلقى الخاطب عن سيرة الرسول العربي ، وتعاليمه وتزين فيه الشوارع من المراكز الإسلامية ويتم فيه تبادل الهدايا والتهاني .
المحرم
وفي العاشر من شهر المحرم من كل عام ، يحتفل المسلمون بعاشوراء أو المحرم ، تخليدا لذكرى استشهاد الإمام الحسين رضي الله عنه حفيد النبي محمد عليه السلام والمسلمون السنيون يحتفلون به بإقامة الاجتماعات العامة تخليدا لهذه الذكرى الكبرى وإلقاء الأحاديث والخطب عن بطولة الإمام الحسين وتضحياته في سبيل مبادئه ، وأما الشيعة فيحتفلون به بطريقة باهتمام أكبر ، إذ يشمل برنامجهم في هذه المناسبة تسيير مواكب الحداد مع (التعازي) والضرب على الصدور وتستمر مظاهر الحزن عندهم مدة عشرة أيام كاملة ابتداء من غرة المحرم .
عيد ميلاد “جرونانك”
وهناك عيد قومي رسمي يقام للذكرى مولد مؤسس الديانة (السيخية – جرونانك) المولود عام 1469 للميلاد ، وقد أسس دينه مقتبسا من المبادئ الهندوسية والإسلامية ، وتحتفل طائفة السيخ بالعيد بحماس بالغ في شهر “كارتيكا” الهندي الذي يوافق عادة شهر أكتوبر أو نوفمبر ، وينهمكون في قراءة كتابهم المقدس (جرانت صاحب) من أوله إلى آخره ، وفي نفس اليوم يحمل الكتاب في موكب رائع يمر بالشوارع الرئيسية ، ويسير أمام الموكب خمسة من رجال الدين السيخي ، شاهرين السيوف المصلتة في أيديهم ، ويوزعون في ذلك اليوم الهدايا والحلوى والأطعمة على الفقراء والمحتاجين ويقيمون (اكشاكا) خاصة في الطرق العامة لتوزيع المرطبات أو المشروبات على المارة والمسافرين .
عيد ميلاد المسيح
وتحتفل الهند كلها بعيد ميلاد السيد المسيح عليه السلام ، وتتجلى فيه مظاهر الأبهة والابتهاج في جميع المدن والقرى ، وتبدأ الأجراس تدق في الكنائس منذ منتصف ليلة عيد الميلاد ، وفي بعض القرى في شمالي الهند تطوف جماعات من الطائفة المسيحية في موكب ديني رائع وتصحبه الأغاني الشعبية الدينية وانغام الموسيقي .
وقد يسمى هذا العيد باسم (الكريسماس) أي عيد ميلاد السيد المسيح ، وإن اليوم الخامس والعشرين من شهر ديسمبر الذي يقترن بذكرى ميلاد المسيح حسب اعتقاد الطوائف المسيحية التي تتبع التقويم الغربي لمولده ، لهو يوم عطلة رسمية عامة في الهند ، واقتران هذا العبد بحلول السنة الجديدة مما يتفاءل به كل الشعب ومن أهم المناطق التي تظهر فيها مباهج عيد الميلاد في الهند ، ولاية (كيرالاا ، ومدراس ، وبومباي ، وكلكتا ودلهي الجديدة) .