الخليج اليوم – قضايا إسلامية الاثنين 23-مارس-1987 م
إن تقديم العامية في التعليم أو العمل أو الكتابة مجانية للصواب ومخالفة للواقع المحسوس ، لأن اللغة العربية الفصحى إنما هي همزة الوصل اللهجة المشتركة ونقطة الالتقاء بين أبناء العالم العربي كله كما أنها الربط بينه وبين مئات الملايين من المسلمين في البلدان غير العربية بصفة كونها لغة القرآن الكريم ولغة العبادات ولغة العلوم الإسلامية .
وعرفنا أيضا أن تعليم اللغة العربية الفصحى لغير الناطقين بها ، بهدف الوصول إلى صيغة لغوية موحدة وعامة في الإطار العربي العام بحيث تنتظم الخواص العربية الأصلية المشتركة وخالية بقدر الإمكان من الاختلافات المحلية الخاصة ببلد عربي دون آخر سواء في النطق أو اللهجات أو المفردات أو التراكيب ذات السمات المحلية هو الواجب الحتمي لتفادي عناصر الفرقة والتشتت بين الأمة العربية والإسلامية فكريا وحضاريا .
ومن المعروف أن اللغة الفصحى أيضا في جميع لغات العالم ذات سمات وأشكال متنوعة من الأساليب وصور التعبير باختلاف العوامل والظروف المحيطة بها من بعد الفترة الزمنية وأسباب النمو والتطور ومن هنا يقال ، بتجاوز في التعبير ، أن هناك نوعين من الفصحى ، أما أولهما فالفصحى الكلاسيكية أي القديمة مثل فصحى العصر الجاهلي وما بعده التي فقدت الممارسة العملية لها أو قل استخدامها في مجالات الحياة اليومية ، وأما ثانيهما فالفصحى المعاصرة التي تعيش في مجالات الحياة عن طريق الاستعمال الواقعي بصورة أو أخرى وكلما بعدت الفترة الزمنية وكلما قلت الممارسة العصرية كانت النتيجة جفوة بين اللغة وأهلها وتفاوت درجات السهولة والصعوبة في فهمها واستخدامها اليومي .
ومن ثم ينبغي أن نضع في الاعتبار مجموعة من المبادئ العامة عند اختيار مادة اللغة الفصحى العربية لتعليمها سواء لغير العرب أو العرب أنفسهم .
يجب اختيار فصحى العصر لتعليم العربية لغير أهلها ، إذا هي الصيغة الأسهل تناولا والأقرب منالا بحكم قربها الزمني ومعايشتها لمجالات الحياة اليومية ، وجدير بالذكر أن هذه الفصحى ما تزال تنطوي على جميع الخواص الأساسية للغة العربية ، بفضل القرآن الكريم ويقال في هذا المجال إن العرب يختلفون فيما بينهم بنوع ما في نطق الفصحى العصرية وفي بعض تراكيبها وصيغها ويمكن الرد عليه بأن هذا يمكن تناوله تناولا علميا وموضوعيا يصل بنا في النهاية إلى خطوط عريضة للغة مشتركة صالحة للتطبيق في العملية التعليمية على المستوى العربي العام .
ويتحقق هذا الهدف المنشود بالالتجاء إلى الظواهر الصوتية التي يغلب استعمالها في الوطن العربي في عمومه مع مراعاة ما قرره الأقدمون من علماء اللغة في هذا المجال وكذلك يجب استخدام المفردات والتراكيب العامة التي يشيع استعمالها لدى العرب بصفة عامة ، عند وضع المواد المقررة في جميع المراحل وخاصة في المرحلة الأولى .
اتخاذ طريق متدرج الخطوات ويبدأ بالعبارات والأساليب التي تقرب من لغة الحياة اليومية والذي يشيع استعمالها في شتى المجالات الاجتماعية ونتيجة في اختيار المواد المقررة والنصوص المطلوبة نحو لغة الأدب والحديث والأسلوب ، الجيد ولغة وسائل الإعلام المعروفة مثل مفردات وأساليب نشرات الأخبار والصحف المعتمد بها ، وأن اللغة الفصحى اليوم هي اللغة المكتوبة في أغلب أحولها ويجب اختيار هذه اللغة المكتوبة ذاتها أساسا عند اختيار المواد المقررة في مختلف المراحل التعليمية ، ولا ينبغي أن نهمل فصحى العصور القديمة ، وخاصة الزاهرة منها في العصور الذهبية للحضارة الإسلامية وهكذا يستطيع الدارسون الإلمام بصورة متكاملة للغة العربية في عصورها المختلفة وفقا لمنهج دراسي متطور حسب الأهداف والفترات المحددة لكل مرحلة تعليمية .
ينبغي أن تكون المواد المختارة ذات تنوع في المعاني وأغراض التعبير بحيث تصور الحياة الثقافية والاجتماعية والاقتصادية والسياسية ، وكذلك يجب أن توزع قواعد اللغة الصرفية والنحوية وغيرهما توزيعا عادلا مناسبا لكل مستوى ومرحلة وبالنسبة إلى التدريبات الصوتية يمكن أن توضح الصور النطقية الصحيحة قي تسجيلات صوتية تتخذ نموذجا يحتذي به ويلاحظ في اختيار الصور الصوتية أن تكون مفردات والتراكيب الصور الصوتية أن تكون مفردات والتراكيب مستعملة في أغلب البلدان العربية ومشتركة فيما بينها في الوقت الحاضر حتى تكون هذه المواد نموذجية ومعيارية وعصرية .
في ضوء هذه المبادئ الأساسية نختار بعض الآيات القرآنية التي تمد المتعلم بأفكار نافعة وثروة لغوية مفيدة ، وكذلك بعض الأحاديث النبوية الشريفة التي والشعراء المعاصرين والقدامى من عصور العربية الزاهرة وكل هذا وذاك حسب حاجات المتعلمين أو تخصصاتهم ومستوياتهم المختلفة .
وينبغي الاهتمام بتعليم أصوات اللغة العربية باهتمام بالغ ، إذ أن الأصوات هي اللبنات الأولى للبناء اللغوي من المفردات والجمل والتراكيب الأساليب .
وأن المتعلم الأجنبي لا يستطيع أن يستوعب ما يتعلم ويجيد نطقه بدون تعليم الأصوات أما قواعد أصوات الفصحى بصورها المختلفة فإنها مسجلة في كتب المحدثين والأقدمين جميعا ، ويتحتم علينا لا دائها العملي أن نلجأ إلى صورة مشتركة من النطق تمثل الخواص الصوتية للعربية الفصحى تمثيلا صادقا ، ولتحقيق هذات الهدف نستطيع مراجعة المجيدين من قراء القرآن الكريم والاستعانة من المتخصصين في اللغة العربية الفصحى بالنطق والأداء ، ويجب أن نراعي في هذا المجال كل الجوانب الصوتية للغة بحيث يشمل الأصوات للمفردات والجمل والعبارات فكما أن لأصوات المفردات من الصحة الأداء فهناك حدود معينة لكل ما يتألف منها من جمل وتراكيب أو صيغ منها من واحدات لغوية ، وكما ينبغي مراعاة قواعد النطق والنبرات في الأداء الصحيح للكلمات والوقفات ودرجات وتوزيع الفواصل والوقفات ودرجات المد والشد وما إلى ذلك من القواعد المطردة في الجمل والعبارات ، ومن المعروف أن طريقة أداء الكلام والعبارات ومن المعروف أن طريقة أداء الكلام أو القائة في صورة معينة هي التي تكشف عن معانيها ومقاصدها الحقيقية وبعبارة أخرى أن معاني الجمل والعبارات تظهر وتتحدد بأدائها أداء صحيحا حسب خواص التركيب اللغوي وتوجيه مقامات الكلام وظروفه المختلفة ، بإعطاء الحقوق الكاملة السليمة للأبجديات اللغة الفصحى بتطهيرها من التحريفات أو التشويهات العامية المرذولة .