الخليج اليوم – قضايا انسانية –20/11/1985
ما كان الناس في يوم من الأيام في غنى عن روابط ترابطهم أفراد وجماعات بعضهم ببعض ، بل وما كان في وسعهم – لو أرادوا – أن لا تكون تلك الروابط ، وأن يتخلوا عنها لأنها لازمة لوجودهم في هذا العالم . وأنواع الروابط التي تربط الناس بعضهم ببعض كثيرة منها : رابطة القرابة ، ورابطة الوطن ، ورابطة اللغة ، ورابطة الجنس ، ورابطة الصداقة ، ورابطة الدين ، ورابطة الثقافة … وغيرها .
وأن طبيعة الحياة في هذا العالم تزاحم وتغالب ومدافعة في سبيل الحصول على حاجة النفوس ورغباتها والفوز في هذه الأمور إنما هو لأولي القوة والحزم ، وفرد واحد أو بعض الأفراد في أكثر الحالات لا يقوي أن يصمد أمام ما يعترض سبيله ، فلا بد له من روابط يستعين بها ، على الظفر بما يطالب والمحافظة على ما اكتسب ، وكانت له تلك الروابط عمادا لحياته وعونا على نجاحه فيها .
ضرورة رابطة تنظم الانتماءات المختلفة !
مع كون الروابط المذكورة من الضروريات للانتفاع ، لشدة الحاجة إليها ، فإنها قد تختلط على طائفة من الناس ، فتنتهي بهم إلى الاختلافات والمنازعات ، وتسلمهم إلى التعارض فبعضهم يؤثر رابطة والآخر رابطة أخرى ، فإذن يقتضي القانون الفطري أن يكون لهذه الروابط نظام وحدود ينتهي عندما كل خلاف ويرتفع لديها كل تعارض . وذلك إما يكون بتغليب رابطة منها وإخضاع سائر الروابط لمقتضاها ولمبادئها ولأهدافها العليا .
كيف تتغلب رابطة الإيمان ؟
وقد بين الرسول الأعظم صلى الله عليه وسلم الأسس التي تقام عليها قلعة الأخوة الإسلامية ، والوسائل التي بها تتقوى جدرانها وحيطانها والمظاهر التي تتزين بها أركانها ، وقبابها . وهذه الأسس وتلك الوسائل إنما هي الصفات اللازمة لكل فرد من الأمة المسلمة ، وبفضل تلك الصفات تتحقق الغايات الكبرى من وحدة الأمة وتضامنها وتعاونها . وهذه هي تلك الأسس التي بينها الرسول الذي لا ينطق عن الهوى ، في كلمات جامعة وموجزة وصريحة:
1 – المؤمن للمؤمن كالبنيان يشد بعضه بعضا .
2 – لايؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه .
3 – المسلم أخو المسلم ، لا يظلمه ولا يسلمه ، ومن كان في حاجة أخيه كان الله في حاجته .
4 – من فرج عن مسلم كربة من كرب الدنيا ، فرج الله عنه كربة من كرب يوم القيامة ، ومن ستر مسلما ستره الله في الدنيا والآخرة .
5 – لا يحل لمسلم أن يهجر أخاه فوق ثلاث ليال ، يلتقيان فيعرض هذا أو يعرض هذا ، خيرهما الذي يبدأ بالسلام .