الخليج اليوم – قضايا إسلامية – الأربعاء 19-فبراير-1986 م
إن قطاع الشباب هو أهم القطاعات وأنشطها وأنظفها من بين قطاعات المجتمع العربي والإسلامي بل الإنساني بصفة عامة في عالمنا المعاصر ، وهذه الحقيقة لا تخفى على من له إدراك وخبره بمجريات الأمور في الدنيا اليوم ، لأن الشباب الذي هو على الدرب الأول على أبواب الحياة ، ولم يتلوث سربه بأدران الأضغان والأحقاد ، ولم يتأثر طبعة بأوساخ المنافسات الأنانية أو المصارعات المغرضة وأن قطاع الشباب الناشئ الآن إما المدارس أو المعاهد أو الجامعات ، تحت مراقبة وتربية وإشراف رجال التربية والتعليم وكما أنهم في أعتاب الدخول إلى معتدل الحياة الاجتماعية والاقتصادية والسياسية فيجب على أولي الأمر وأصحاب الشأن ورجال التربية ، وضع خطة حكيمة وسليمة ومتكاملة لأعداد هذا القطاع الذهبي الذي هو رأسمال المجتمع في كل دولة وعدة المستقبل لكل أمة وعلى عاتقة تقع مسؤولية حفظ البلاد والعباد من التردي في هاوية الهلاك والدمار والفوضى ومسؤولية نشر الأمن والاستقرار في ربوع البلاد وفي صفوف الناس في كل مكان .
الأعداء لا يقعدون عن الكيد للشباب
إذا كان الشباب هو القطاع الأساسي لكل مجتمع والعمود الفقري لكل دولة فلا يقعد أعداء ذلك المجتمع وخصوم تلك الدولة سواء في الخارج أو الداخل من الكيد لهذا القطاع ، وأن الشباب المؤمن القوي المثقف هو الذي يبني صرح الدولة والأمة قويا شامخا وعاليا ، ومن الطبيعي أن يضع أعداد الداخل والخارج عراقيل ومعنويات أمام أعداد الشباب أعداد صالحا وصنعه صنعا متقنا . وفي مقدمة مكائد هؤلاء الأعداء المرتبعين نشر اليأس والقنوط في أذهان الشباب وتنشيط هممهم وتشجيعهم على التمادي في حياة الميوعة والنعومة ، ومن الوسائل التي يتبعها أولئك الأعداء لتحقيق أهدافهم الخبيثة تفخيم حالة الفوضى ةالتمزق الجارية في مختلف البلاد العربية والإسلامية والمشاحنات والمفارقات المتفشية في شتى قطاعات الأمة العربية والإسلامية في الساحات السياسية والأيدولوجية وغيرها .
وتصويرها بأنها خالة ثابتة ومستمرة ، وكل هذا وذاك عن طريق مكائد أعلامية مختلفة وترغيبات إيهامية عديدة لتطعيم أذهان الشباب الفتية النقية باليأس والأسى فمن الطبيعي أن يتحير ذهن الشاب الذي لم يتمرن على ساحات الحياة المتنوعة ولم يخض في خضم المعارك الملتوية لتحقيق المآرب المختلفة ، وبالتالي يتسرب إليه اليأس والألم والشعور بالندم والتخيل بعيشة العزلة والانغلاق ، وسوف يتحقق لللأعداء هدفهم المنشود عندما يحزم المجتمع من أعظم وأنشط قطاع من قطاعاته الأصيلة والجذرية من فلذات أكباده.
الطريقة المثلى لتربية الشباب
إن الطريقة المثلى لتربية هذا القطاع الرئيسي للأمة والقاعدة الصلبة لها هي أن توضع تلك التربية على قواعد أربع وهي القواعد التي حث عليها الإسلام وجرت عليه فطرة الله التي فطر الناس عليها .
القاعدة الأولى : تبصير القلوب والعقول بنور الإيمان الصحيح ، والقاعدة الثانية : تثقيفهم بالعلوم والمعارف الحق الصحيحة خالية عن الخرافات والترهات .
القاعدة الثالثة : تقويتهم جسمانيا بتربية رياضية سليمة نافعة لأن العقل السليم في الجسم السليم ، والقاعدة الرابعة : تربيتهم على بالصبر والمصابرة أمام الشدائد والصدمات التي يواجهونها في طريق مسيرتهم نحو حياة ناهضة سليمة سعيدة وكذلك على المثابرة نحو تحقيق الأهداف السامية الإنسانية النبيلة . وهذه القاعدة الأخيرة لا يكون بناؤها متينا إلا باستكمال القواعد السابقة لأن الارتباط بالله تعالى بالإيمان القوي يغذيهم بشحنة من الطاقة الروحية وأما العلوم والمعارف الصحيحة فتنير أمامهم طريق الرشاد والأمان والسعادة وتزيل من طريقهم العقبات والظلمات فتكون خطواتهم على نور وبينة وبصيرة وأما التربية الرياضية البدنية فتساعدهم على تحمل المشاق والأعباء الثقيلة في مسيرتهم نحو بناء مستقبل زاهر لهم ولأمتهم ولدولتهم .
روح التفاؤل في نفوس الشباب
إن أعداء النهضة والوعي في العالم العربي والإسلامي يحاولون بشتى الوسائل لتسريب اليأس والفوضى والانحلال إلى صفوف شبابه في أغلفة مسمومة جذابة ، ولا يقربونها غلى أذهانهم الفتية الطرية لا جل الحط من حماسهم في سبيل مصلحة أمتهم ن والذوق من حياضهم ، ولا بقائهم في متاهات الحياة التافهة الهامشية .
ولهذه الأسباب وغيرها من الأمور التي تظهر حينا فآخر على مسرح الحياة في عالمنا المعاصر الذي يزداد تعقيدا وتعتيما كل يوم يجب على المجتمع الإسلامي في كل دولة من دول العالم أن يشيع روح التفاؤل في نفوس شبابه ويعتبره أهم قطاع من قطاعاته ، ولا يتأتى هذا إلا بوضع منهج متكامل لتربية هؤلاء الشباب على جميع جوانب الحياة البشرية بدون ترجيح جانب على حساب آخر ، وإهمال شعبة من شعب الحياة على حساب أخرى وإذا كانت متطلبات الحياة متكاملة وطاقاته الشباب ومجالاتها أيضا متكاملة ومتجاوبة فلا تثمر الثمرة المرجوة إلا بتربية متكاملة لتنمية جميع جوانبها وعناصرها وأجزائها بتنسيق وترتيب وتنظيم .