صوت الشرق يوليو 1965 م
بلغت المرأة الهندية الحديثة شأوا بعيدا في التحرر والمساواة بالرجل وقد أهلتها ثقافتها ومواهبها ونشاطها لأن تتقلد أهم المناصب في مختلف المجالات فهناك الآن القاضية الهندية والسفيرة الهندية والوزيرة ووكيلة مجلس الشيوخ الهندية ! ..
وفي الهند اليوم تتساوى المرأة مع الرجل في الحقوق والواجبات بنص الدستور ، وبمقتضاه تتمتع بالمساواة التامة مع الرجل لها ما له وعليها ما عليه ، وأصبح بعض نساء الهند يشغلن أرفع المناصب أهمية ، وأرفعها شأنا وحساسية في الدولة ، وفي يمثل بلادهن في الأمم المتحدة وفي المؤتمرات الدولية والمحافل العالمية في الخارج ، فانتخبت شقيقة الزعيم الراحل حواهر لال نهرو ، السيدة فيجايا لاكشمي بانديت رئيسة للجمعية العامة للأمم المتحدة في دورتها الثامنة ، ثم عينت بعد ذلك مندوبة سامية للهند في المملكة المتحدة حيث بقيت تشغل هذا المنصب الدبلوماسي الرفيع عدة سنوات وبعد ذلك عينت حاكمة لإحدى ولايات الهند ، والآن تتولى منصب “نائب وزير الخارجية” سيدة أيضا هي “لاكشمي مينون” بينما تتولى سيدة أخرى منصب وزيرة الصحة في الحكومة المركزية ، وتشغل منصب حاكمة ولاية البنغال الغربية الآن “كوماري بادماجا نايدو” ابنة الزعيمة الراحلة ساروجيني نايدو ، كذلك أسند إلى عدد من أعضاء البرلمان من النساء مراكز مسئولة في الدولة .
المرأة نصف المجتمع
وامتازت الهند منذ القدم بالتفهم لأهمية الدور الذي تلعبه المرأة في الميادين التقديمية في المجتمع ، كما هو واضح من الأساطير الهندية القديمة المليئة بالبطولات والمغامرات والأعمال الكبرى ، وكذلك أدوار النساء في القصص الشعبية ، أو الأشعار والروايات الهندية المشهورة .
وعلى الرغم من أن الإسلام يقرر للمرأة جميع الحقوق والواجبات الإنسانية والاجتماعية والثقافية والاقتصادية والسياسية أيضا ، ألا أن الأحوال الاجتماعية السائدة لم تكن تسمح للكثير من نساء الهند المسلمات بالمشاركة على قدم المساواة في الميادين التي أقرها لهم الإسلام واقتضتها الفطرة وطبيعة حالاتهن الخاصة .
ويقول القرآن الكريم معلنا المساواة بين الرجل ، والمرأة في جميع الحقوق الإنسانية “ولهن مثل الذي عليهن بالمعروف .. وللرجل نصيب معا اكتسبن ..” ولا يجوز للمرأة – في نظر الإسلام – أن تقل وطنيتها وجهادها في سبيل الوطن والأمة الإنسانية جمعا عن الرجل بل كل فينا يخصه من أعداد الجيل الجديد ، والمشاركة مع الرجل في ميدان الكفاح في جميع المرافق للحياة البشرية .
واشتهرت في تاريخ الهند نساء كثيرات بجلائل الأعمال التي قمن بها في سبيل الوطن مثل ، رانى جانسي التي حملت راية الجهاد ضد الانجليز وناضلت نضالا مريرا في سبيل تحقيق حرية البلاد .
وأما دور النساء في الكفاح الوطني الأخير ، قبيل الاستقلال ، فمليء بالتضحيات والمخاطر ، فكم من نساء دخلن السجون ، وعذبن وشردن وكانت السيدة أرونا ناصف علي ، إحدى الوطنيات الشهيرات ، رئيسة لجبهة التحرير في جو آخر المستعمرات البرتغالية التي تحررت في السنين الأخيرة ، وانضمت إلى الاتحاد الهندي .
دور المجتمع في التقدم الاقتصادي
ولم يقف نشاط النساء الهنديات عند حد تولي الوظائف الرسمية في الدولة ، أو في النشاط الاجتماعي بل تعداه إلى العمل جنبا إلى جنب مع الرجل في مختلف ميادين الحياة الأخرى ، فانصرف بعضهن إلى العمل في المؤسسات والمنظمات الأهلية والحكومية ، التي تعمل على الارتفاع بمستوى معيشة الشعب ..
وتضطلع المرأة الهندية في الوقت الحاضر بتنفيذ مشروعات اقتصادية واجتماعية في المجتمعات الريفية والصناعات المنزلية والبرامج العمرانية الأخرى التي تهدف إلى خلق مجتمع تعاوني اشتراكي في البلاد .
وتعتمد السلطات اعتمادا قويا على المرأة الهندية ، في مجالات محاربة الفقر والجهل والمرض وتحقيق العدالة الاجتماعية والإصلاح الريفي وتنظيم الأسرة ، ولعل الهند هي الدولة الوحيدة في العالم التي لم تضطر فيها المرأة إلى ابتدال نفسها في الكفاح أو الطالبة بحق التصويت والحقوق السياسية ، ولقد شاركت المرأة الهندية الرجل في تحقيق الطريق الدستوري والنظام الديمقراطي الصحيح ، كما شاركت ف كفاح الوطن للحرية السياسية ، والسيادة الكاملة ، وكان فوزها بحقوقها السياسية ، والتشريعية والقضائية والاجتماعية ، نتيجة منطقية لمجرى الحوادث في البلاد ، ومطابقة لنشاط المرأة الهندية وثقافتها ، وتقاليدها الموروثة وتاريخ خدماتها وجهادها في ميدان الخدمات العامة المثمرة .
المرأة ودستور الهند
جاء دستور الهند في سنة 1950 فقضي على الفوارق بين المواطنين من جميع الوجوه ومن بينها الفوارق التي تقوم على اختلاف الجنسين ، فنص على عدم التمييز بين المواطنين بسبب الدين أو العنصر أو الطبقة الاجتماعية أو اللون أو العقيدة أو اختلاف الجنسين ، وحرم الحيلولة بين أحد من المواطنين – في أي حال من الأحوال – وبين الاستعمتاع بحقوق المواطنة الهندية الكاملة لسبب من هذه الأسباب وكذلك نص على المساواة التامة بين الجميع في تولي مناصب الدولة ، وما هو جدير بالذكر أن المرأة الهندية اشتركت في الانتخابات العامة التي جرت في البلاد بعد الاستقلال وبلغ عدد من كان لهن حق التصويت في تلك الانتخابات أكثر من مائة مليون نسمة بينما بلغ مجموع النساء اللاتي أدلين بأصواتهن فعلا دالا مليونا من النساء هكذا أضحت المرأة الهندية شقا حيا نافعا في شتى المجتمع الهندي ، وقد أدركت تماما أن المجتمع لا يحقق نضهته إذا أصبح أحد شطر به مشلولا أو متعطلا .
المرأة الهندية المحافظة
وعلى الرغم من تحررها من قيودها التي كانت تعاني منها واشتراكها مع الرجل في جميع ميادين الحياة فقد ظلت تحافظ على خير تقاليدها الموروثة في لباسها التقليدي ، وعاداتها الاجتماعية وثقافتها الشرقية ، وميولها المتزنة وأن تمسك المرأة الهندية يلبس الساري – مثلا – كزي قومي ، بالرغم من خروجها إلى الميادين الدولية وإصرارها على الاحتفاظ بزيها الوطني ، ليعطي مغزى رائعا للتمسك بالتقاليد الوطنية والاعتزاز بالزي القومي وعدم الازلاق مع التيارات الأجنبيية الوافدة ، وهذا أحد الخصائص التي تمتاز بها العقلية الثقافية الهندية ، وقد عبر المهاتما غاندي من هذه العقلية التي تنبعث منها أصول الثقافة الهندية إذ قال “لا أريد أن يكون سور وأبواب بلادي مسدودة أمام الثقافات الأخرى ولكني لا أريد أن تنزلق قدمى في تلك الثقافات الوافدة” .
الفتاة الهندية الحديثة
والفتاة الهندية تنال قسطا وافرا من التعليم العالمي في جميع مراحله وتقبل بشغف بالغ على التعليم العالي وتشعر كالمسؤوليات الضخمة الملقاة على عاتقها نحو الأمة والوطن وإلى جانب استكمال دراستها العلمية ، تعمل جاهدة التدرب على مهن وحرف تتناسب مع بيئتها ومواهبها .