صوت الشرق نوفمبر 1954م
يحتفل المسلمون في جميع بقاع الأرض في الأسبوع القادم (اليوم التاسع من نوفمبر) بعيد مولد نبي الإسلام ورسول السلام محمد بن عبد الله عليه الصلاة والسلام ، فإن الرسول الأكرم ولد في ليلة الثاني عشر من شهر ربيع الأول في القرن السادس (الميلادي) ، في أشرف بيت من قبائل العرب ومن أكرم أبوين حسبا ونسبا ، ومن أكثر العائلات قوة ومناعة .
أثر الدعوة المحمدية
فبعد أن انتشرت الدعوة الإسلامية في بلاد جزيرة العرب وما حواليها ، اهتم المسلمون الذين تشبعوا بالدعوة القرآنية اهتماما بالغا بإبلاغها إلى سائر الأمم في مختلف بقاع العالم ، فاتجه عدد من المسلمين المصلحين إلى البلاد الهندية مؤدين رسالة الإسلام بالحكمة والموعظة الحسنة ، وكانوا أحسن قدوة للتسامح الديني وأخلى مظهرا للأخوة الإنسانية وأهلوها يدخلون إلى هذا الدين الجديد أفواجا قانعين ببساطته وسماحته ومسايرته للعقل والطبيعة تاركين وراءهم الخزعبلات والترهات المنتشرة في ذلك الزمان في تلك الزمان في تلك البلاد ، فلم تقم هناك حرب لنشر الدين في تاريخ الهند ، ولم يكن هناك شيء من التعصب الديني يشوب تاريخهم الجديد ، وكانت عشرات الأديان ومئات الطوائف تعيش معا في ود وسلام ، وإذا وجدت هناك حرب ما بين المسلمين والهندوس فمرجعه إلى الأسباب السياسية أو لأغراض شخصية لم تكن لها أية علاقة بالأديان ، وهذا يؤيده التاريخ الصحيح للهند ، وكل ما يسمع ويكتب ويقرأ عن الحروب والغزوات الدينية والطائفية في الهند منذ بضع سنين منشؤه الاحتلال الانجليزي ومصدره سياستهم المعروفة “فرق تسد” وآثارهم بأقية لم تنته بعد ! .
الاحتفال بعيد الميلاد
ويقيم في الهند الآن حوالي خمسة وأربعين مليونا من المسلمين ، أي ضعف تعداد الشعب المصري كله ، والدستور الهندي يكفل لهم ولسائر الأقليات جميع الحقوق الدينية والسياسية والاجتماعية والثقافية ، ولكل أقلية في الهند – كما للأغلبية – الحق التام لإقامة شعائرهم الدينية ، ونشر الدعوة لعقائدهم وتعاليمهم الخاصة في طول البلاد وعرضها بشرط أن لا يخل أحدهم بالأمن العام ، وبدون تجريح وتهديد لثقافات الغير ومعتقداتهم وفي هذا الشهر يحتفل كل مسلم في الهند بعيد ميلاد النبي عليه الصلاة والسلام بإقامة الحفلات العامة وإلقاء الخطب المحاضرات والتوسيع على الفقراء والمساكين في هذا اليوم السعيد .
اهتمام الهند بالعيد
ويوم عيد الميلاد هو يوم عطلة رسمية لجميع الوزارات والمصالح الحكومية وتغلق فيه الجامعات والمعاهد ودور الحكومة ومصالحها ابتهاجا بهذا اليوم العظيم ، ومشاركة من جميع الرعايا الهنود مع إخوانهم المسلمين ، وبعض الحفلات العامة تقام في عواصم المدن والمقاطعات يحضرها كبار الدولة وزعماء البلاد ويلقون كلمات مناسبة ويهنئون إخوانهم المسلمين – هذا إلى جانب تبادل الزيارات والتهاني الهدايا بين المسلمين من أدنى البلاد إلى أقصاها تخليدا لذكرى الرجل التاريخي العظيم الذي جاء هاديا مرشدا ، وداعيا لخير البشرية كلها .