رد الشبهات عن أسباب إجلاء قبائل اليهود الثلاث المتمردة عن مدينة الرسول صلى الله عليه وسلم
بنو قينقاع – بنو النضير – بنو قريظة
الخليج اليوم – قضايا إسلامية الخميس 2-أبريل-1987 م
(دراسة وتحقيق)
وكان اليهود يعرفون حق المعرفة أن محمدا صلى الله عليه وسلم هو النبي المبشر به في التوراة والإنجيل كما كانوا يستفتحون به على الذين كفروا فلما جاءهم ما عرفوا كما يعرفون أبناءهم أخذهم الحقد والبغي والاستكبار ؟؟؟؟؟؟ ما أنزل الله من فضله على من يشاء من عباده ، وقد أشار الله تعالى ؟ ؟ ؟؟؟ الذميمة المتمكنة في طبيعة اليهود منذ القدم فقال : “وكانوا من قبل ؟؟؟؟؟؟؟ كفروا فلما جاءهم ما عرفوا كفروا به فلعنة الله على الكافرين” (؟؟؟؟؟) ، ثم قال :”الذين آتيناهم الكتاب يعرفونه كما يعرفون أبناءهم وأن وإن فريقا منهم ليكتمون الحق وهم يعلمون ” (البقرة : 146) ، وأما أظهره النبي صلى الله عليه وسلم من الرفق وكرم المعاملة فما كان يرضى اليهود ولم ينفع في إطفاء نار الحقد التي كانت تتأجج في صدورهم وغاظهم أنهم عجزوا عن اتخاذ عليه السلام آلة في أيديهم لتهويد العرب ويعيد لليهود مملكة يهوذا المزعومة فلهذا تظاهروا بالترحيب به في بادئ الأمر ، وتظاهروا بالاشتراك مع أهل المدينة في تأييد والتزام خطة المسالمة معه ، آملين أن هذا الداعية المتواضعة قد يساعدهم على قهر العرب وبث نفوذهم على الأميين كما كانوا يسعون من قبل بكل الوسائل الخادعة والماكرة ، ولكن النبي صلى الله عليه وسلم قام في طليعة ما قام به بعد قدومه إلى المدينة هو القضاء على الفوضى السائدة بين العرب ، وآخى الأوس والخزرج وربط بين الأنصار والمهاجرين برباط وثيق من الأخوة الإيمانية واعتصموا بحبل الله جميعا ولم يتفرقوا ولم يلبث أن عاود اليهود داء التمرد القديم الذي دفعهم إلى قتل أنبيائهم وبدت أعراض هذا البلاء فيما جاهدوا به من الفتنة وما أسروه من الغدر والخيانة ، ومع أن الدين الذي جاء به محمد بن عبد الله صلى الله عليه وسلم أقرب إلى الفطرة وإلى ما جاء في التوراة من توحيد وشريعة فلم يلبثوا أن انضموا إلى المشركين الوثنيين لمحاربة الإسلام ، ومع علمهم اليقين أن دين قريش مليئ بأنواع الشرك والخرافات قال اليهود حينما حينما سألتهم قريش :”أديننا خير أم دين محمد ، بل دينكم خير من دينه ” وإلى هذا الحد بلغ حقدهم وطغى طمعهم وثار تمردهم الشنيع .
مؤامرات اليهود
ومن أساليب اليهود الشنيعة إلى اتبعتها لمحاربة الإسلام والمسلمين ونبيهم ، تحريف ألفاظ القرآن الكريم والصلوات وقواعد الإسلام ، حيث يحرفون الكلام عن مواضعه ، وكذلك انتهاك حرمة الآداب العامة وهجو نساء المسلمين وإيذاء الرسول وسبه ، وأوفدوا رسلا منهم إلى أعداء الدولة التي قبلوا الدخول في حماها رسميا ، وكانت قريش يعرفون قوة المسلمين الحقيقية بفضل الخونة من بني إسرائيلي الذين حالفوا رسول الله صلى الله عليه وسلم بدافع المصلحة الوقتية ، ولما بدت طلائع قريش في ظاهر المدينة ، وانشق عليه اليهود وانحازوا إلى جانب المشركين .
ومنذ الساعة التي وصل فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى المدينة ، صاروا يرمقونه بعين العداوة والبغضاء ، فسعوا في بث بذور النفاق بين قومه وأخذوا يلزمونه هو أصحابه ، ولم يقف الأمر عند هذا الحد ، بل قد أصبحوا من أشد العناصر خطرا في داخل الدولة الإسلامية ، وذلك بسبب تفوقهم في التعليم والذكاء واتحادهم على المنافقين ، وكذلك بسبب ما شاد بينهم من وحدة الهدف ، بعكس ما كان عليه العرب من تفوق وانقسام ، وقد استغلوا هذا الوضع لبث بذور الفتن بين المسلمين وتوسيع شقة الخلاف بينهم وبين معارضيهم .
وكان لهزيمة المشركين في “بدر” أثر بالغ في نفوس اليهود والمشركين عى السواء ، وما انتهت هذه المعركة حتى توجه أحد كبار بني النضير ، وهو كعب بن الأشرف ، إلى مكة وجاهر بحزنه لما أصاب المشركين من الهزيمة ، ولم يأل جهدا في بث روح الشجاعة فيهم بعد أن خمدت عزائمهم واستطاع بهجوه ، للنبي وصحبه ، ورثائه للمشركين الذين قتلوا في بدر أن يثير في قريش جنون الانتقام الذي انفجر مرحلة في وادي (أحد) ، ولما تم له ذلك رجع إلى قومه بنى النضير النازلين بالقرب من المدينة فظل يهجو محمدا وصحبه هجاء ساخرا ولم ينج من لسانه نساء المؤمنين ، وكان نشاطه موجها بصراحة فسد الدولة التي كان هو أحد مواطنيها ، وأن قبيلة بن النضير دخلت مع المسلمين في الميثاق وتعهدت بالمحافظة على سلامة الدولة في الداخل والخارج ولكن يهود بني النضير كانوا يواصلون جهدهم في إغراء القبائل العربية المجاورة ، فكان أبو رافع سلام بن أبي الحقيق ينزل مع بطن من قبيلته ، بني النضير ، في خيبر على مسيرة أربع أو خمس ليال في أثارة قبائلها العربية ، مثل بني سليم وغطفان ضد المسلمين ، وهكذا كانوا مهددين في صميم وجودهم وفي قعر دارهم ، فلم يكن من المستطاع أن يصبروا على هذه الخيانة السافرة من جانب القوم الذين عاملهم المسلمون بكل كرم ورعاية رجاء وقوفهم موقف الحياد ، إن لم يكن موقف التأييد .
الفتنة والتمرد
وأما قبيلة بني القينقاع اليهودية فكانت تنزع دائما إلى الفتنة والتمرد تسارع إلى الشغب والمشاجرة ، وكان أغلب أفرادها يشتغلون في الصناعات اليدوية على اختلاف انواها ، بينما كانت القبائل اليهودية الأخرى تشتغل بالزراعة ، ولما اشتدت فتنة هذه القبيلة وتحولت إلى عصابات خائنة ومنحلة ، نبذت العهد عمدا وجهره ، ذهب رسول الله صلى الله عليه وسلم بنفسه إلى بني قينقاع وطلب إليهم أن يدخلوا نهائيا في حمى الأمة أو يجلوا عن المدينة ، فردوا عليه ردا خبيثا إذ قالوا : يا محمد ، لا يغرنك أنك لقيت قوما لا علم لهم بالحرب ، فأصبت منهم “فرصة ، إنا والله لئن حاربناك لتعلمن إنا نحن الناس” ثم تحصنوا في ديارهم وتحدوا رسول الله صلى الله عليه وسلم فلم يكن بد من إخضاعهم ، فحاصرهم بدون إبطاء حتى نزلوا على حكمة بعد خمسة عشر يوما ، وكانت النية تتجه بدء الأمر إلى إنزال القصاص بهم ، ولكن اكتفى رسول الله صلى الله عليه وسلم بإجلائهم .
وقد أثار إجلاء بني قينقاع من المدينة حفيظة بني النضير فنبذوا العهد الذي بينهم وبين رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وكانوا يتحينون الفرصة المواتية للتخلص من رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فمرة خرج عليه الصلاة والسلام بنفسه في نفر من الصحابة إلى بني النضير يطلب إليهم دفع نصيبهم من الدية المطلوبة حسب المعاهدة المعقودة بين المسلمين واليهود ، فتظاهروا بإجابة الطلب التمسوا أن يمهلهم قليلا ، واعتبروا وجوده بينهم فرصة للتخلص منه ، وبينما هو جالس إلى جنب جدران بيوتهم ، إن أنس حركة مريبة بين القوم أحس منها أنهم يريدون به شرا ، فغادر المكان من فوره دون أن يثير شبهتهم ، وبذلك نجا هو وأصحابه من مكرهم السيئ ، وعند وصوله إلى المدينة بعث إليهم رسول الله صلى الله عليه وسلم بمثل ما بعث به إلى بني قينقاع ، فردوا عليه ردا ينطوي على التحدي والإساءة ، فعرض عليهم ما سبق عرضه على بني قينقاع ، ووافقوا على الجلاء ، على أن يحملوا معهم ، كل أموالهم المنقولة ما عدا السلاح ، فأخذوا يخربون بيوتهم بأيديهم لئلا يسكنها المسلمون من بعدهم ، وكان جلاء بني النضير في شهر ربيع الأول سنة أربع من مقدم رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى المدينة .
اليهود والمشركون
وأما قبيلة بني قريظة اليهودية فكانت لهم حصون كثيرة جهة الجنوب الشرقي على مقربة من المدينة ، وكانوا ملزمين بمقتضى الميثاق أيضا أن يظاهروا المسلمين على عدوهم ، ولكن ساعد يهود بني قريظة ، العدو المشركين والمنافقين مساعدة مادية ، فيدلونهم على ثغرات المدينة ، لأن اليهود كانوا يعرفونها جيدا ، ثم عمد المشركون واليهود إلى الهجوم المنظم والانقضاض على قوة المسلمين ، ولما أصبحت قبيلة بني قريظة ملجأ عناصر الخطر للدولة والأمة بعث إليهم رسول الله صلى الله عليه وسلم سعد بن معاذ وسعد بن عبادة يطلبان إليهم أن يعودوا لعهد رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فما كان جوابهم إلا أن قالوا بجرأة ووقاحة :
“من رسول الله ؟ لا عهد بيننا وبين محمد ولا عقدا ! ” . ورأى المسلمون أن بني قريظة يهددون مدينة الإسلام فقد نكثوا عهدهم وكادوا يأخذون المدينة على غرة ذات مرة ، ولما طلب منهم تفسيرا لهذه الخيانة رفضوا بأصرار وعناد ، فضرب المسلمون عليهم الحصار حتى اضطروهم إلى التسليم بلا قيد ولا شرط ، ولكنهم اشترطوا أمرا واحدا ، وهو أن يحكم فيهم سعيد بن معاذ سيد الأوس فحكم فيهم أن تقتل الرجال وتسبي الذرارى والنساء ، ونفذ هذا الحكم في هذه القبيلة الخائنة ، ويجب أن نضع نصب أعيننا ، حينما نذكر الحكم الذي أصدره سعد ، الذي اختاروه حكما بمحض إراداتهم ، ما ارتكبه هؤلاء القوم من جرائم ، من غدر وخيانة ومجاهرة بالعداوة ونقض للميثاق الذي تربطهم به كل رابطة مقدسة ، كما يجب ألا ننسى أن هؤلاء اليهود الذين يعبدون ، يهود الذي لا شريك له كانوا يحرضون المشركين على استمرارفي عبادة الأوثان ، ولو كان النصر حليفهم لا قدموا على ذبح أعدائهم من غير أن يؤنبهم على ذلك ضميرهم ، كما كانوا يقتلون الأنبياء بغير حق .
وكانت القبائل اليهودية تملك أرضا محصنة على مسيرة ثلاثة أيام أو أربعة بشمال المدينة ، وكان يعرف هذا المكان باسم “خيبر” فانضمت إليه فلول بني النضير وبني قريظة ، فسعوا دائبين في تكوين حلف جديد لمناواة المسلمين ، ولما فشلت هذه القبائل اليهودية في الاستنجاد بحلفاتهم من بني غطفان ومن على شاكلتهم من سكان خيبر ، أدارت بنفسها رحى المعركة ، وقاوم المسلمون أشد مقاومة ، فلم تلبث حصون خيبر أن سقطت في أيدي المسلمين وحينئذ رأى اليهود إلا فائدة ترجي من المقاومة فسألوا رسول الله صلى الله عليه وسلم ان يعفو عنهم ففعل ودفع إليهم أراضيهم وأموالهم الثابتة مع بقائهم على دينهم ، وقد بذلت عدة محاولات في هذا الوقت لاغتيال الرسول الرؤوف الرحيم ، فلما دخل خيبر أهدت له امرأة يهودية طعاما مسموما وكانم معه بعض أصحابه فمات أحدهم من أكلته التي أكل ونجا الله رسوله منها ، ومع ذلك عفا النبي عن المرأة وظلت في قومها دون أن تمس بسوء .
بداية الحركة الصهيونية
كان الهدف الأول من الحركة الصهيونية إنشاء وطن قومي لليهود في فلسطين وقد عقد أول مؤتمر صهيوني ، (الاسم مأخوذ من جبل صهيون في فلسطين) في سويسرا عام 1897م تحت رئاسة “هرتزل” واشترك في هذا المؤتمر ثلاثمائة زعيم من فطاحل اليهود يمثلون خمسين جمعية يهودية ، وقد اتخذ المؤتمر مجموعتين من القرارات ، فالمجموعة الأولى كانت علنية ، وتتلخص في العمل على إقامة دولة يهودية في فلسطين ، واتخاذ الأسباب الموصلة إلى ذلك مثل شراء الأراضي في فلسطين والاهتمام بالناحية الزراعية والسعي لطرد المواطنين حينا آخر .
وأما قرارات المؤتمر السرية فهي التي عرفت من بعد باسم “بروتوكولات صهيون” وقد رسم فيها اليهود الخطط التي تمكنهم من استعباد العالم والسيطرة عليه وكان المصادفات العجيبة أن سيد فرنسية قد استطاعت اختلاس هذه القرارات أثناء اجتماعها بأحد زعماء اليهود في أحد مركز الماسونية في فرنسا وعن طريق هذها لسيدة وصلت البروتوكولات إلى عالم روسي وقام بطبعها ونشرها سنة 1905م .
وقد أحدث هذا النشر ضجة في صفوف يهود العالم وزعرا شديدا لافتضاح أمرهم وإطلاع العالم على المكائد والفضائح التي دبروها لإفساد الأمم والشعوب ، ولقد عمت المذابح ضدهم في روسيا ، حيث قتل منهم في إحدى المذابح عشررة آلاف يهودي ، وكذلك امتلأت فلب هتلر غيظا فذبح منهم عشرات الألوف .
ولما أقلت الزمام من أيديهم حاول اليهود جاهدين لجمع كل ما وصلت إليه أيديهم من نسخ هذه الوثائق فأحرقوها ، وقد زاد الطين بلة مطابقة الأحداث الجارية حينذاك مع خطة البروتوكولات المنشورة ، وقد اعترف بهذا الحدث الخطير زعيم الصهيونية الأول “هرتزل” حيث قال : أن بعض الوثائق الخطيرة قد سرق من قدس الأقداس ، ويخشى من مغبة نشرها على الملأ ، ومن ناحية أخرى قد اعترف بعض اليهود الذين طردوا من التنظيم الصهيوني نتيجة لاحتجاجهم على ما جاء في هذه الوثائق البشعة ، ومنهم “هنري كلين” الذي نشر في جريدته “صوت المرأة” الصادرة في شيكاغو سنة 1945م كلمة جاء فيها :إن البروتوكولات هي خطة وضعت للسيطرة على العالم ، أن زعماء الصهيونية يكونون مجلسا أعلى للاستيلاء على حكوماته وقد طردني الصهاينة من صفوفهم لأني أنكرت عليهم خططهم الشريرة” ، وقد صدر أول ترجمة عربية لهذه الوثائق الصهيونية السرية (بروتوكولات صهيون) للأستاذ محمد خليفة التونسي سنة 1951م ، وتلخص خطة اليهود في السيطرة على العالم في وسائل التخريب والهدم والعمل على إضعاف العقول والأجسام مع مراعاة الظروف الملائمة لكل بلد ، سياسيا واجتماعيا واقتصاديا .
وجاء في “البروتوكول الأول” أن شعارنا يجب أن يكون كل وسائل العنف والخديعة أن القوة المحصنة هي المنصرة في السياسة ، وكذلك لا ينبغي أن نتردد في أعمال الرشوة والخديعة والخيانة ، إذا كانت تخدمنا في تحقيق غايتنا ، ويقول البرتوكول الثاني “إن الصحافة التي في أيدي الصحافة القائمة هي القوة العظيمة التي بها توجد العامة وتبين المطالب الحيوية للجمهور وتعلن الشكاوى وتخق الفوضى أحيانا بين الأعداء ، ومن خلال الصحافة كدسنا الذهب ، ولو كلفنا ذلك أنهارا من الدم” ، وعلى هذه الشاكلة سارت إسرائيل في طريق السلب والقتل والتدمير ، واتبعت سياسة الإبادة ، في فلسطين المحتلة بالقضاء على المعالم الحضارية والمقدسات الدينية العزيزة على قلوب مئات الملايين ، وقد وضعت إسرائيل حجر الأساس لهذه السياسة بقرار جائر أصدرته الكنيست الإسرائيلية لتوحيد شطري المدينة المقدسة المغتاصبة ، ليضع العالم أمام الأمر الواقع ، ثم بدأت بناء هذه السياسة بتغيير الحدود الطبيعية وهدم المعالم التاريخية وإزالة الآثار الحقيقية .