الخليج اليوم – قضايا إسلامية السبت 1-نوفمبر -1986 م
من المعلوم بالضرورة ، أن الصلاة إنما هي ركن أساسي في كل دين وملة ، على اختلاف تصوراتها وكيفياتها وهيئاتها ، وأن لفظ الصلاة يطلق على هذا النوع من العبادة لغويا وعرفا واصطلاحا ، وإذا نظرنا إليها من حيث المفهوم اللغوي فيراد بها الدعاء المطلق المصحوب بالخشوع والتضرع وكذلك يراد بها أحيانا معنى الرحمة والبركة والتحية ، ومنها الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم ، ومن ناحية أخرى كان تصور الصلاة المفروضة في بعض الأديان والشرائع السابقة الانحناء أو الركوع أو السجود تضرعا أو ترتيل بعض الأدعية أو ترديد بعض الآيات من الكتب المقدسة ، وأن الصلاة مشروعة في الأديان السماوية كلها كاليهودية والمسيحية والملل الأخرى مثل الهندوسية والبوذية وغيرهما ، ولكن لا توجد صلاة أشمل وأكمل وأعم من كل الاعتبارات والمفاهيم والدلالات والمقاييس مثل الصلاة المشروعة في الإٍسلام سواء من حيث شروطها اللازمة للشروع فيها ، ومواقيتها ، وكيفياتها وضوابطها وأركانها والجوارح المشتركة فيها واشتمالها على العناصر الأساسية في كل العبادات القلبية والبدنية والمالية على مدار الحياة .
وأما بالنسبة إلى شروطها فيجب أولا أن تتحقق النظافة الظاهرة والباطنة قبل الشروع فيها ، فبالوضوء والغسل تحصل النظافة البدنية والقلبية ثم نظافة الملابس والمكان من كل أنواع النجاسة والأدران ، وبعد ذلك يختار المصلى أي مكان طاهر على وجه الأرض ولم يفرض الإسلام عليه مكانا مخصصا لأداء الصلاة مثل الأديان الأخرى كما أعلن ذلك الرسول صلى الله عليه وسلم : “جعلت لي الأرض مسجدا طهورا” ، وهذا التشريع دليل قاطع على عمومية الدين الإسلامي وفطريته ويسره ، وجدير بالذكر أيضا أن الإسلام لا يفرض على المسلم عند أداء الصلاة زيا خاصا أو حلة خاصة كما لا يحتاج إلى معاونة أي كاهن أو شيخ أو مقيم الطقوس الدينية .
وأما مواقيت الصلوات في الإسلام فتوافق على مدار السنة من حياة الإنسان لكل الحالات لدوران الأرض في الليل والنهار من الفجر قبل طلوع الشمس ، وفي الظهيرة وفي وقت العصر ، وعقب غروب الشمس ووقت العشاء قبل النوم ، وكل هذه الأوقات تتقلب حرا وبردا ، في الصيف والشتاء ، وحين استيقاظ الإنسان من النوم وعند الشروع فيه ، وقبل الدخول في أعماله اليومية وبعد الانتهاء منها وقبل اللجوء إلى الراحة وبعد النهوض منها ، وأن هذا التغير وذاك التنوع يزوده بطاقات متجددة ومتنوعة ، روحيا وذهنيا وجسميا ولا يجعل منه عبد الروتين الوتير ، ويخلق فيه قوة الإرادة والعزيمة وروح التجديد ، وقد جعل الإسلام التعرف على هذه المواقيت سهلا وميسورا على كل إنسان عادي في أي مكان في العالم وفي أي طقس أو فصل ، بدون حاجة إلى دقات الساعات أو الاستماع إلى أذان المؤذن حيث حدد صلاة الفجر بطلوع الفجر الصادق في الأفق ، والظهر بزوال الشمس في وسط السماء عن الظهيرة والعصر بصيرورة ظل الشيئ مثليه ، والمغرب بغروب قرص الشمس ، والعشاء باختفاء الشفق الأحمر بعد الغروب ، وهذه تحديدات فطرية عالمية لا تخفى ولا تصعب على أحد معرفة دخولها ولا يحتاج إلى أي جهاز خاص أو علم فلكي أو جغرافي ، تمشيا بمقتضى دين الفطر .
قبسات مضيئة
من القرآن الكريم
قال الله سبحانه وتعالى : “إن الصلاة كانت على المؤمنين كتابا موقوتا” (النساء : 103) .
من الهدي النبوي
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : “إن أول ما يحاسب العبد يوم القيامة من عمله صلاته ” (رواه الترمذي) .
من الأدعية المأثورة
قال النبي صلى الله عليه وسلم :” ما من عبد يقول صباح كل يوم ومساء كل ليلة : “باسم الله الذي لا يضر مع اسمه شيئ في الأرض ولا في السماء وهو السميع العليم” ثلاث مرات لم يضره شيئ .